وزير التخطيط التنموي: قطر تسعى لاقتصاد قائم على المعرفة والبحث والابتكار
محليات
03 أبريل 2018 , 11:39ص
الدوحة - بوابة العرب
قال سعادة الدكتور صالح بن محمد النابت وزير التخطيط التنموي والإحصاء أن التحولَ إلى اقتصادٍ معرفيٍ هو ناتجُ تفاعلِ ثلاثِ عواملٍ رئيسيةٍ، هي: أولاً التقدمُ التكنولوجيُ، ويشملُ تكنولوجيا المعلومات، وتكنولوجيا الموارد، والتكنولوجيا البيولوجية. ثانياً تحريرُ التجارةِ، وتحريرُ حركةِ رأسِ المالِ في النظامِ الاقتصاديِ العالميِ، والذي يتطلبُ إعادةَ هيكلةِ الاقتصادِ، والإنتاجِ، والطاقةِ، والمواصلاتِ وبقيةِ الأنشطةِ لضمانِ الاستمرارية. كما يتطلبُ التحولُ نحوَ اقتصادِ المعرفةِ أيضاً توفيرَ بنيةِ اتصالاتٍ من أجلِ المساهمةِ في بناءِ مجتمعٍ معرفيٍ أو معلوماتيٍّ، وتطويرَ القوانينَ والتشريعاتِ لتتناسبَ مع متطلباتِ ذلكَ الاقتصاد، وتطويرَ رأسِ المالِ البشريِ، وبناءَ قدراتِه، وتوفيرَ المعرفةِ المميزةِ، واستجلابَ وتراكمَ غيرَ المتوفرةِ منها، ودعمَ انتشارِ الثقافةِ الاجتماعيةِ التي تُشجّعُ على الابتكارِ، والإبداعِ، وتدعمُ البحثَ والتطوير.
جاء ذلك في كلمته في المؤتمرِ الدوليِّ الأولِ لإدارةِ الأعمال، والذي يُعقَدُ تحت شعارِ "الاقتصادُ المعرفيُّ التنافسيُّ في دولةِ قطر: فرصٌ وتحديات" في كلية المجتمع في قطر.
وأضاف وزير التخطيط تسعى دولةُ قطر إلى تحقيقِ التحولِ منَ الاقتصادِ القائمِ على عواملِ الإنتاجِ التقليديةِ (العملُ، ورأسُ المالِ، والأرض) إلى اقتصادٍ قائمٍ على المعرفةِ والبحثِ والابتكار. وقد تضمنتِ الاستراتيجياتُ التنمويةُ موجهاتٍ رئيسيةً تهيِّؤُ البيئةَ المناسبةَ لتحقيقِ هذا الانتقالِ تدريجياً، حيثُ نَصَّتِ استراتيجيةُ التنميةِ الوطنيةِ الثانيةِ لدولةِ قطر 2018-2022 صراحةً على تحقيقِ هذهِ الغايةِ عندما ألزَمتْ نفسَها في ركيزةِ التنميةِ الاقتصاديةِ بإنشاءِ بنيةٍ تحتيةٍ واقتصاديةٍ وتكنولوجيةٍ عاليةِ الجودةِ تمَكِّنُ دولةَ قطر من أن تصبحَ نقطةَ اتصالٍ للنشاطاتِ الاقتصاديةِ والبحثية.
وأضاف "كذلك ألزمَتْ نفسَها بتحقيقِ مساهمةٍ أكبرَ للقطاعاتِ غيرِ الهيدروكربونيةِ في الناتجِ المحلِي الإجمالي، وحددَتْ قطاعاتٍ ذاتَ أولويةٍ ترَسِّخُ هذا التوجهَ (قطاعُ الصناعةِ التحويليةِ، والنشاطاتُ الاحترافيةُ والعلميةُ، وقطاعُ اللوجستياتِ، والخدماتُ الماليةُ، والسياحةُ، وقطاعُ المعلوماتِ والاتصالات). كما حددتْ أهدافاً تتعلقُ برعايةِ وتنميةِ قدراتِ الابتكارِ، وتَبَنِّيها، وترسيخِها في القطاعاتِ ذاتِ الأولوية، وتوحيدِ الجهودِ الوطنيةِ وتنسيقِها من أجلِ تحقيقِ التميزِ في مجالِ البحثِ والتطوير، وبالأخص من خلالِ تأسيسِ منصاتٍ وقواعدَ بياناتٍ بحثيةٍ متاحةٍ للجميع، وتطويرِ آلياتِ التنسيقِ لتعظيمِ الاتساقِ والاستخدامِ للمصادرِ المتاحةِ بين الهيئاتِ البحثية.
وأوضح أن تقييمَ فرصِ دولةِ قطر في تحقيقِ التحولِ نحوَ الاقتصادِ المعرفيِ مرتبطٌ بسرعةِ استجابةِ سياستِها وخططِها التنمويةِ لمتطلباتِها. فالتحولُ يتطلبُ مخرجاتٍ تعليميةً (التعليم) منتظمةً وعاليةَ الجودة، أي نِسَبُ التحاقٍ ومعدلاتُ تخرجٍ عاليةٌ في التعليمِ والتعليمِ العالي والتقني. وهنا يعتبرُ معدلُ الاستثمارِ في التعليمِ في دولةِ قطر الأعلى بين الدول (4.1% من الناتجِ المحليِ الإجمالي، و 18.6% من الإنفاقِ الحكومي). وبالتالي، فالفرصةُ متاحةٌ لرفعِ جودةِ مُخرَجاتِ التعليمِ، وتوجيهِها نحو التخصصاتِ الأكثرِ ملائمة. كما يتطلبُ التحولُ إفساحَ المجالِ لاستقطابِ الكفاءاتِ من ذوي المهاراتِ العاليةِ والمدربة (الهجرة)، ومن ذوي الخبرةِ الطويلة، لتسهمَ في تطويرِ الاقتصاد. وهنا، فإنَّ دولةَ قطر تستقدمُ أعداداً كبيرةً من العمالةِ الوافدة، وعلى الرُغمِ من أن النسبةَ الأكبرَ منها ما زالت غيرُ ماهرة، إلا أن الظروفَ التي تحفزُ على استقدامِ العمالةِ الأكثرِ مهارةً وخبرةً أصبحتْ أكثرَ ملاءَمة. أما فيما يتعلقُ بالابتكارِ العلميِ والتكنولوجي (البحثُ والتطوير)، وسرعةِ انتشارِ الأبحاث، وتكوينِ مجتمعاتٍ تتمتعُ بمستوياتٍ علميةٍ عالية، فإن تعددَ المراكزَ البحثيةِ في دولةِ قطر وتوسُّعَها يدعمُ انتعاشَ حركةِ البحثِ وازدهارِها، وبالتالي يحققُ التحولَ المنشود. أما تغييرُ هيكلِ الصادراتِ (الصادراتِ المعرفية) ليعتمدَ على إنتاجِ وتوزيعِ واستعمالِ المعرفة، فعلى الرُّغمِ من أنها ما زالت ناشئة، إلا أنَّ السياساتِ المتبناةَ تدعمُ تحويلَ الإنتاجِ البحثيِ إلى سِلَعٍ وخدماتٍ قابلةٍ للتصدير.
وأشار إلى أنه دولةُ قطر تتَطلَّعُ خلال السنواتِ الخمسِ القادمةِ إلى استدامةِ الازدهارِ الاقتصاديِ من خلالِ مواصلةِ الجهودِ باتجاهِ تحقيقِ مزيدٍ من التنوعِ الاقتصاديِ وتنميةِ القطاعِ الخاص، وجذبِ الاستثماراتِ الأجنبية، وعلى الأخص تلك الباحثةِ عن الإبداعِ والإبتكارِ، وتهيئةِ البيئةِ الاستثماريةِ المناسبةِ لتشجيعِ الاستثمارِ في القطاعاتِ التي تسرِّعُ التحولَ نحوَ الاقتصادِ المعرفي. وهي قطاعاتٌ تنمويةٌ تتطلبُ توظيفَ تكنولوجيا المعلوماتِ وتكنولوجيا الموارد.
وشدد على أن دولةَ قطر، وهي تتبنّى الانخراطَ في اقتصادِ المعرفة، تؤكّدُ ثقتَها في أبنائِها، وتراهنُ على استيعابِهم لمتطلَّباتِ هذه المرحلة، ثمّ إنّها تثبتُ للعالمِ بأَسرهِ أنّ دولةَ قطر ستظلُّ وفيّةً دوماً لاختياراتِها الاستراتيجيّةِ في جميعِ المجالات، ومن بينِها مجالِ التّعليمِ والبحثِ العلميّ، وستعملُ جاهدةً على توفيرِ مناخٍ ملائمٍ للعاملينَ في هذا الحقلِ من أجلِ نشرِ المعرفة، والمساهمةِ في إنتاجِها، حتّى يشاركَ كلٌّ من موقعِهِ في بناءِ صرحِ دولتِنا، وفي استمرارِ إشعاعِها، وكسبِ التحدّياتِ الدّوليّةِ والإقليميّةِ رُغمَ الظروفِ المفروضةِ علينا. بل إنّنا أثبتْنا بما لايدَعُ أيَّ مجالٍ للشكِّ أنّ دولتَنا بحكمتِها السياسيّةِ والرؤيةِ الثاقبةِ لقيادتِها امتصّتْ بسرعةٍ مفعولَ الصّدمةِ، وانطلقتْ بثباتٍ في استكمالِ مشروعاتِها في شتّى القطاعاتِ المشمولةِ برؤيتِها الوطنيّة 2030، معوِّلةً على ذكاءِ أبنائِها وفطرتِهم السليمةِ، وثقةِ المحيطِ الإقليميِّ والدّوليِّ في صحّةِ توجّهاتِها.