أقام مركز شؤون الموسيقى التابع لوزارة الثقافة ندوة» فن الفجري لؤلؤة البحر» ضمن فعاليات درب الساعي للتعريف بهذا التراث الفني البحري الذي تميزت فيه بلادنا حيث حفظت الذاكرة هذا الفن وأهم رواده من الشعراء والنهامين.
حضر الندوة سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة وسعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر بن أحمد بن علي آل ثاني وزير البيئة والتغير المناخي، كما حضرها خالد جوهر فنان شعبي وراوٍ، والنهام عمر سلطان الكواري (بوصقر)، والسيد محمد الصايغ الباحث في التراث القطري، وقدمها الإعلامي عادل عبدالله.
وأعرب المشاركون في بداية الندوة عن سعادتهم بالأجواء التراثية وجهود وزارة الثقافة في تقديم التراث القطري ضمن احتفالات اليوم الوطني لتعريف جمهور كأس العالم فيفا قطر 2022، بجوانب من التراث القطري البحري.
وقال الباحث محمد الصايغ وهو مؤلف كتاب»الفجري وفنون العمل على ظهر السفينة» إن فن الفجري عريق في قطر وهو غني بأهازيجه وكلماته حيث كان مصاحبا لرحلات الغوص على اللؤلؤ باستمرار حتى ان كل محمل كان لابد ان يكون عليه نهام يقوم بأداء هذا حيث احترف كثير من النهامين الغناء والإنشاد للترويح عن البحارة على ظهر السفينة، وإضفاء البهجة والحماس في نفوسهم ليعينهم على تحمل عناء وجهد ومشقة العمل.
وأشار الصايغ إلى أنه نظرا لأهمية النهام قديما كان النواخذة يتبارون في اختيار النهامين الأقوى والأندى صوتا في رحلاتهم، وذلك بفعل تأثيرهم الإيجابي والنفسي في رفع أداء البحارة وعملهم، فعندما يسمعون نهمة لها إيقاع جميل يتفاعلون معها، فيتجدد النشاط ويكون لديهم القدرة على استكمال الرحلة ومتاعبها.
وأوضح الباحث في التراث، أن الفجري ينتمي الى فنون البحر، وهي تنقسم الى نوعين: نوع مرتبط بأوقات الترفيه ويكون بعد العودة من العمل او الراحة على جزيرة او بندر أو غير ذلك، أما النوع الآخر فيكون على ظهر السفينة خلال عمل البحارة، لافتا إلى أن فن الفجري يشمل خمسة أنواع هي البحري، العدساني، الحدادي. الخولفي، الحساوي، مشيرا إلى أنه تختلف طريقة الجرحان الذي يعني المدخل لكل نوع من هذه الفنون، لافتا إلى أن النهام هو الشخص المؤدي لهذا الفن ويكون حافظا للأشعار وخاصة الزهيريات ويكون صوته قويا نديا في نفس الوقت كما كانوا يسمون الأغنية «التنزيلة».
وتناول خالد جوهر الفنان والراوي الشعبي في حديثه تاريخ فن الفجري وارتباط الناس به قديما، موضحا ان القطريين كانوا دائما يبدأون الفجري بذكر الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأضاف أن هؤلاء الغواصين كانوا يعيشون في البحر لشهور، وسط مخاطر وأهوال البحر، فهم يسعون على أرزاقهم وبأدواتهم البسيطة فكانوا يحملون معهم الأشياء المصنوعة من الفخار لتناول الشراب والطعام، كما كان كل محمل عليه مؤذن حرصا على أداة الصلاة في وقتها ويرفعون الشعائر أينما كانوا، فكانت حياتهم منظمة تبعا لأوقات الصلاة حيث يبدأ الغوص بعد صلاة الفجر.
وأشار جوهر الى الحياة الصعبة التي كانوا يجدونها في هذه الأوقات وأن فن الفجيري كان بمثابة المحفز والطريقة التي تهون عليهم تعب الأيام، لافتا إلى أن وجود فنون أخرى كانت تصاحب فنون البحر مثل الخطفة والدواري وغيرهما ولكل نوع أسس يرتبط بمطلع النهمة.
وبدوره شرح النهام عمر بوصقر الفروق بين الفنون البحرية وسمات كل فن من الفنون البحرية، حيث قدم ومعه الفرقة المصاحبة نماذج رائعة من فن الفجيري بأشكاله الخمسة الأساسية وكذلك فنون الخطفة والدواري واليامال، مستخدمين أدواتهم التقليدية من طبول ودفوف وآلات فخارية، مع ديكور يحاكي صورة البحر حيث نقلوا الحضور إلى البحر وأجوائه وفنونه.