يوسف الزمان لـ«العرب»: أخطاء الخبراء تغير سير القضايا
حوارات
02 ديسمبر 2015 , 01:47ص
محمود مختار
أكد المحامي والخبير القانوني يوسف الزمان أن قطر لا يوجد بها قانون خبرة منتظم يساعد في سهولة الإجراءات بالمحاكم وإنجازها في أسرع وقت ممكن، مضيفاً أن الخبراء المقيدين الآن غير تابعين لوزارة العدل أو المجلس الأعلى للقضاء، الأمر الذي قد يؤثر على سير القضية كاملة، موضحا أن بعض الخبراء وقعوا في أخطاء فادحة قبل ذلك في قضايا تهم الرأي العام.
وكشف الزمان في حوار خاص لـ «العرب» عن نظام الخبرة المعمول به في قطر وبطء التقاضي، مطالباً المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل بوضع قوانين رادعة لضم خبراء تابعين لهما بدلاً من حالات الانتداب الأخرى التي تؤثر على القضايا، مؤكدا أن الخبراء هم أعوان القضاة في بث الطمأنينة ونشر الحقيقة، وتحدث عن خفايا هذا الملف الشائك، في الحوار التالي مع «العرب».
¶ ما مدى أهمية الخبرة في القضايا التي تنظر أمام القضاء المدني؟
- تعد الخبرة وسيلة من وسائل الإثبات المباشرة، وهي نوع من المعاينة الفنية التي تتم بواسطة أشخاص تتوافر لديهم معارف فنية خاصة لا تتوافر لدى القضاة، إذ قد تعرض على القاضي مسائل متنوعة يحتاج بعضها إلى معلومات فنية دقيقة سواء أكانت معلومات طبية أو هندسية أو محاسبية أو صناعية أو غير ذلك، مما لا يتصور أن يلم بها كل قاضي إلماما كافيا يمكنه من تفهم جميع المسائل الفنية التي تعرض عليه، ومن الفصل فيها عن بينة تامة بطريقة تريح ضميره وتحقق العدالة في الوقت نفسه، ولهذا يلجأ القاضي إلى شخص فني تتوافر لديه معارف كافية بشأن مجال معين من مجالات المعرفة الفنية يسمى الخبير والذي يمد يد العون للقاضي، وينير له الطريق بما يساعده في النهاية على حسم النزاع حسما أقرب إلى تحقيق العدالة. ونظرا لأهمية الخبرة فقد نظم المشرع القطري القواعد المتعلقة بالخبرة في المواد من 333 إلى 361 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
¶ هل هناك قانون في قطر ينظم أعمال الخبرة أمام المحاكم؟
- لم يصدر المشرع القطري حتى تاريخه قانونا بتنظيم أعمال الخبرة أمام المحاكم وهو قانون على جانب كبير من الأهمية، إذ يتكفل هذا القانون بوضع تنظيم كامل للشروط الواجب توافرها في الخبراء ومؤهلاتهم العلمية وضرورة اجتيازهم لاختبارات ومقابلات تقوم بها الجهة المختصة، والضمانات المقررة لهم ومساءلتهم وتأديبهم، وكيفية تسجيلهم في الجداول وتبعيتهم وما إلى ذلك من قواعد تحكم وظيفتهم وتكفل حيادهم باعتبارهم من أعوان القضاة حسبما قررته المادة 71 من قانون السلطة القضائية.
¶ ما مدى أهمية أعمال الخبرة بالنسبة للقضايا المنظورة أمام المحاكم المدنية؟
- بالفعل أعمال الخبرة مفيدة للغاية، فبالنظر إلى الزيادة الكبيرة والمضطردة في أعداد القضايا المدنية والتجارية والاقتصادية ذات الطابع الفني والتي تستدعي معارف خاصة ولم تعد قضايا ومنازعات اليوم مثل قضايا الأمس، إذ غدت أكثر تعقيدا وتخصصا بما تحتاج معه للفصل فيها إلى تحقيقات معقمة وتخصص معين من رجل متخصص وخبير محايد يضع أمام القاضي رأيه الفني في القضية لتنويره حلو النزاع.
¶ ما موقف التشريعات العربية من موضوع الخبرة؟
- وفقا للتشريع الكويتي والمصري فإن هناك ثلاث طوائف من الخبراء يقومون بأعمال الخبرة أمام المحاكم وهذه الطوائف هي أولا: طائفة خبراء الجدول، ثانيا: طائفة الخبراء الموظفين، ثالثا: طائفة الخبراء غير الموظفين وغير المقيدين بالجدول الذين يتمتعون بكفاءة فنية لا يتمتع بها غيرهم وقد نظم قانون الخبرة الكويتي والمصري كل ما يتعلق بهذه الطوائف.
¶ ما مدى انعكاس عدم وجود تشريع في قطر ينظم أعمال الخبرة أمام المحاكم؟
- في التشريع القطري لا يوجد لدينا قانون لتنظيم أعمال الخبرة، وبالتالي فإنه لا توجد إدارة للخبراء أو خبراء حكوميين كما هو الحال في الكويت أو مصر، والمعمول به في المحاكم القطرية وجود قائمة خبراء متواضعة تضم أسماء مهندسين ومحاسبين وبعض المتخصصين وتم وضع أسماؤهم في هذا القائمة وفقا لمؤهلاتهم وما يقدمونه من مستندات تثبت تخصصهم الهندسي أو المحاسبي دون خضوعهم لأي اختبارات أو مقابلات وجميعهم يعمل أعمال خاصة أو لدى جهات القطاع الخاص أو الحكومي، ويتم اختياراهم لأداء أعمال الخبرة في القضايا، إما وفقا لاتفاق الخصوم أو تقوم المحكمة بذلك في حالة عدم اتفاق الخصوم على اختيار شخص الخبير، وللقاضي والخصوم أن يختاروا أيضا خبيرا من الخارج ممن لم ترد أسماؤهم في قائمة الخبراء، وبالفعل وجد أخطاء كثيرة في بعض أعمال الخبراء وتمت معاقبتهم ومحاكمتهم، والواقع أن نظام الخبرة المعمول به حاليا في المحاكم له دور كبير في إنماء ظاهرة البطء في التقاضي، بل إن القضايا التي تحال إلى الخبرة هي آفة البطء.
¶ ما المقترح من أجل تنظيم أعمال الخبرة أمام المحاكم؟
- يتعين العمل على إصدار قانون متكامل لتنظيم أعمال الخبرة أمام المحاكم وألا تترك هذه المسألة الحيوية دون تنظيم، وحان الوقت أن تكون هناك إدارة للخبراء تتبع المجلس الأعلى للقضاء أو وزارة العدل تضم عددا كافيا من الخبراء في مختلف التخصصات وأقسام فنية، وأن يكون هناك مجلس لشؤون إدارة الخبراء يؤلف من قضاة المحاكم تكون من اختصاصاته الإشراف على الخبراء وإبداء رأيه في كافة المسائل المتعلقة بالخبرة. ولا يجوز أن تترك أعمال الخبرة، أو كيفية استبعاد اسم أي خبير أصبح في حالة لا تمكنه من أداء عمله أو فقده شرطا من شروط قيده في الجداول، أو كيفية مساءلتهم وتأديبهم في حالة إخلال أحدهم بواجباته المهنية، وارتكابه لأخطاء مهنية جسيمة أو مخالفة الالتزامات القانونية والأخلاقية بصفة عامة.
¶ هل تقصد أن تزايد الدور الذي يقوم به الخبير في الدعوي القضائية يحتاج إلى تنظيم هذه المهنة؟
- نعم لقد تزايد الدور الذي يقوم به الخبير في الدعوى القضائية خاصة مع ما نعايشه من تنامي الاتجاه لتكليف الخبراء بتحديد الكثير من المسائل في المأمورية المناطة بهم الفنية وغيرها، وقد تحول الخبير في نظر البعض من الجمهور إلى قاضي في الواقع العملي خاصة في ظل اعتماد القاضي في الغالب على النتيجة التي يصل إليها الخبير في تقريره، والأهم من هذا وذاك فإن القضايا التي تستغرق وقتا طويلا من التداول أمام المحاكم هي قضايا الخبرة لعدة أسباب منها عدم تفرغ الخبراء لإنجاز القضايا وعدم خبرتهم وكفاءتهم للقيام بالمأمورية المناطة بهم، وعدم وجود ضوابط وإجراءات تلزمهم بتقديم تقاريرهم في القوت المحدد ودون تأخير.