محمد العتيق فنان جدليّ ونشِط، جدليّتُه تنبع من رغبته الدائبة في التغيير بحثاً عن الإبداع الجديد، حتى لو أحدث «صدمة» لدى جمهور المتلقين، أما نشاطه فيكمن في شغفه الدائم بالاطلاع على مدارس الفن الحديثة في العالم، واستلهام منجزاتها في أعماله الفنية التي بدأت واقعية كلاسيكية، وانتهت بالمفاهيمية والتركيبية «إنستليشن»!
لقد سعى العتيق –الذي أصبح في وقت من الأوقات رئيساً للجمعية القطرية للفنون التشكيلية– إلى ضخّ تجارب «البوب آرت» الأكثر إدهاشاً وإبهاراً في المشهد المحليّ، وصولاً إلى تأسيسه «سمبوزيوم الأصمخ الدولي للفنون».
ومحمد العتيق -مواليد الدوحة 1966- مؤسس قسم الجرافيك بتلفزيون قطر، ومؤسس مجلة الأطفال «مشاعل»، وعضو في جمعية A.C.R.A للفنون والتراث في إيطاليا، وفاز بالجائزة الأولى للتمثال البرونزي في المعرض الثاني لشباب دول مجلس التعاون بالكويت 1986، والجائزة الثانية في مسابقة التراث والبيئة في عيون الفنانين بالدوحة 1998، والجائزة الأولى في المسابقة الزمنية بمهرجان أيام البحر الأول لدول الخليج بجدة 1987.
يشارك حالياً في معرض «إيوان القصار» بفندق سانت ريجيس بالدوحة، المزمع افتتاحه رسمياً هذا الأسبوع، ويقول بجرأة: «أجيال» أقوى معرض تشكيلي خلال الآونة الأخيرة.. فإلى الحوار:
منذ مدة لم نرَ معرضاً تشكيلياً مؤثراً، ما السبب برأيك؟
- كما تعلم، عندما تشاهد معرضاً ناجحاً ذا مستوى عالٍ من الأعمال، فلا بدّ من أن يكون خلفه منسق خبير في التنسيق والاختيار، وما يميز المنسق الجيد أنه لا يميل إلى المجاملة، ويحرص على التوازن في اختياره من حيث العرض المبهر، والأسماء المواكبة للعروض المعاصرة التي تتطلب الفكرة وفلسفة العمل قبل كل شيء.
* يقدم العديد من الفنانين والفنانات بقطر، ولا سيما الجيل الشاب، أعمالهم في إطار ما يسمى «إنستليشن»، ولكن كثيرين لا يعرفون معنى هذا المصطلح، ألا يُعدّ ذلك تعالياً على الجمهور؟
- أعتقد أن المسؤولية مشتركة، جزء منها يقع على صاحب الدعوة الذي يجب أن يعرف كل المعرفة خلفية الفنان، وهل تجربته جادّة وآتية نتيجة تجارب سابقة، أم هي تخبّط وانسياق نحو جذب الانتباه فقط.. إن العمل بالفراغ صعب، ولا بدّ من التعامل معه بحذر، لأنه يتكون من أربعة أبعاد: الطول والعرض والارتفاع والصوت، ويدخل فيه الزمن أحياناً.
يأتي معرض «أجيال» الذي تشارك فيه، بعد شهور من عزلة «كورونا»، ما فكرة المعرض؟ وما الجديد فيه؟
- معرض «أجيال» يضم نخبة من الفنانين القطريين والمقيمين، ومن أجيال مختلفة، ما يميزه أنه يحمل فكراً فلسفياً مختلفاً، ويسعى لعرض مختلف عمّا هو مُدرج بالساحة، وقد كان «إيوان القصار» حريصاً على اختيار هذه النخبة، ولا أبالغ إذا قلت إنه أقوى معارضنا التشكيلية في الآونة الأخيرة، أتمنى أن يستمر هذا الإيوان، كجاليري جديد يضاف إلى ساحتنا التشكيلية، وأن تستمر عروضه بهذا المستوى المتطور، وأعلى مما رأيناه من تدنٍ في العروض السابقة، والتي لا تمثل الفن القطري الحقيقي.
معظم أعمالك غريبة وصادمة للجمهور، لكنك في معرضك الأخير بمركز واقف للفنون عام 2019 أوضحت المسألة، فقدّمت تجربتك عبر قسمين: واقعي «شخابيط عتيق»، وفانتازي «إضاءة في العتمة»، لماذا لا تتصالح مع عامة الجمهور وتقدّم له فناً مفهوماً؟
- رسالة الفنان أن ينتشل جمهوره معه، ويرفع من مستواه الفكري الفني، ويدرّبه على سهولة التلقي، ويعرّفه بما يدور في الساحة العالمية للفنون، وألا يرضخ للضغوط والتقوقع في المحلية المستهلكة.
متى ينطلق معرضك الفردي المقبل؟
- إن شاء الله سيكون لي معرض في جاليري «مطافئ» خلال شهر مارس 2021.