عجز حكومي إزاء تصاعد حركة الاحتجاج في لبنان

alarab
حول العالم 02 سبتمبر 2015 , 04:42م
أ.ف.ب
تبدي الحكومة اللبنانية عجزا كاملا عن حل أزمة النفايات المستمرة منذ أكثر من شهر على الرغم من تصعيد ناشطي المجتمع المدني تحركهم الاحتجاجي ضد الشلل الحكومي والفساد.

ودخل عشرات الناشطين أمس الثلاثاء إلى مقر وزارة البيئة في وسط بيروت واعتصموا داخلها لمدة ثماني ساعات مطالبين باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق، متهمين إياه بالفشل في التعامل مع أزمة النفايات. وأخرجتهم القوى الأمنية بالقوة.

وبدأ الناشطون منذ حوالي الشهر سلسلة تحركات احتجاجية بينها تظاهرات حشدت للمرة الأولى في تاريخ لبنان آلاف الأشخاص لدوافع مطلبية، معبرين عن استياء جماعي من شلل المؤسسات العامة وفساد السياسيين والعجز عن معالجة مطالب حياتية أساسية أبرزها جمع النفايات المكدسة في الشوارع وتنظيم التيار الكهربائي وغيرها من الخدمات.

ولم يتمكن مجلس النواب اللبناني اليوم الأربعاء للمرة الثامنة والعشرين من انتخاب رئيس للجمهورية، فيما المنصب شاغر منذ مايو 2014، ما يشكل دليلا إضافيا على الشلل والانقسام السياسي في البلد حول كل القضايا من أصغرها إلى أكبرها. وأرجئت الجلسة التي لم يكتمل نصابها القانوني إلى 30 سبتمبر.

وعبر الناشطون الذين اعتصموا الثلاثاء في أروقة وزارة البيئة والمنتمون بغالبيتهم إلى حملة "طلعت ريحتكم"، عن تصميمهم على المضي قدما في تحركاتهم.

وقال أحد أركان الحملة أسعد ذبيان لوكالة فرانس برس "كل الخيارات مفتوحة"، مضيفا أنه سيتم الإعلان مساء عن "مبادرات جديدة"، و"سندعو كل المناطق اللبنانية إلى الاستنفار والتحرك".

ودعا القيمون على حملة أخرى بعنوان "بدنا نحاسب" إلى تجمع الساعة 18:00 من مساء الأربعاء (15:00 ت .ج) في ساحة رياض الصلح في وسط العاصمة "للتأكيد على رفض قمع السلطة وتجديد المطالبة بمحاسبة الطبقة السياسية".

وقال ذبيان من جهته إن "الحكومة مصرة على تجاهل مطالب اللبنانيين"، مضيفا أن "المسؤولين في حالة إفلاس سياسي، وهم عاجزون عن اتخاذ أي قرار".

وأضاف ساخرا "لم ننجح في إجبار الوزير على الاستقالة، لكننا أجبرناه على ملازمة مكتبه لثماني ساعات، وهو أمر نادرا ما يقوم به".

وأشار إلى أن احتلال الوزارة "سجل نقطة تصعيدية في التحرك".

وبدأ حراك المجتمع المدني بعد أن غزت النفايات شوارع بيروت ومناطق أخرى في أزمة نتجت عن إقفال مطمر رئيسي للنفايات جنوب العاصمة وعن انتهاء عقد شركة مكلفة بجمع النفايات دون التوصل إلى إبرام عقد جديد.

ومنذ ذلك الحين، يتم جمع النفايات بشكل متقطع وترمى في أماكن عشوائية دون معالجة وفي شروط تفتقر إلى أدنى معايير السلامة الصحية. ولم تتوصل الحكومة إلى حل للأزمة بسبب انقسام السياسيين، وسط تقارير عن تمسك العديد منهم بالحصول على حصص وأرباح من أي عقود مستقبلية.

وأضيفت أزمة النفايات إلى الأزمة السياسية الناجمة عن شغور في موقع رئاسة الجمهورية، وعن توترات أمنية متقطعة على خلفية النزاع في سوريا المجاورة، ما أعطى مجلس النواب ذريعة لتجديد ولايته للمرة الثانية في نوفمبر 2014 حتى يونيو2017.

وقالت مهى يحيَ من مركز كارنيجي للأبحاث في الشرق الأوسط لوكالة فرانس برس "الأمر لا يتعلق بالنفايات فحسب، بل بالإدارة"، مشيرة إلى أن السياسيين "يتعاملون مع البلد كأنه شركتهم الخاصة حيث يتقاسمون الأرباح فيما بينهم".

وأضافت "في مسألة النفايات، الناس يتوقعون نتائج في أسرع وقت. هناك خطوات يمكن للحكومة القيام بها ستجد صدى في الشارع. غير أنهم لا يريدون مواجهة الوقائع بأن التحرك عفوي ناتج عن عدم قدرة الناس على التحمل بعد الآن".

ويطالب المتظاهرون بحل دائم لمشكلة النفايات. كما يطالبون بإجراء انتخابات نيابية، وبمحاسبة المسؤولين عن استخدام العنف مع المتظاهرين.

في العاصمة، اتخذت تدابير أمنية إضافية في محيط وزارة الداخلية حيث يعقد وزير الداخلية نهاد المشنوق عصر الأربعاء مؤتمرا صحافيا يعلن فيه نتيجة التحقيق في استخدام القوى الأمنية العنف مع المتظاهرين الأسبوع الماضي.

وكتبت صحيفة "السفير" في عددها الصادر الأربعاء أن "أهم ما كشف عنه تحرك الأمس هو أن انتفاضة 22 و29 أغسطس ليس مجرد زوبعة في فنجان، أو هواية ثورية يمارسها المتحمسون في نهاية الأسبوع، بل هي تعبير عن مسار مستمر ومتجدد لن تنفع محاولات احتوائه أو تشويهه".

ويرى خبراء أن على الناشطين أن يحصروا مطالبهم من أجل حصد نتيجة.

وقالت سحر الأطرش من "مجموعة الأزمات الدولية" (إنترناشونال كرايزيس غروب) "لا شك أن هذه التظاهرات تضع ضغطا حقيقيا على الحكومة".

وأضافت "في مواجهة حكومة تقود المؤسسات من شلل إلى آخر"، كسر التحرك "الخمول السائد داخل المجتمع اللبناني".

غير أنها أشارت إلى أن المطالبة باستقالة وزير قد تثير انقساما بين المحتجين "ولن تحل أي مشكلة".

واستغرق تشكيل الحكومة الحالية تسعة أشهر بسبب عمق الانقسامات بين الأطراف اللبنانية، وهي تضم ممثلين عن مجمل الأطراف، وشكلت بتوازن دقيق بين هذه الأطياف.

وعبرت الأطرش عن أملها "في أن تحصل تعبئة هادفة وواقعية للمطالبة بحل لأزمة النفايات، لأن الحركة قد تخسر من اندفاعاتها إذا لم تحقق أهدافا ملموسة في المدى القريب" .