أجلت محكمة مصرية اليوم، الأحد، من جديد، إلى 29 من أغسطس، النطق بالحكم على ثلاثة صحافيين في قناة الجزيرة القطرية، وهذا التأجيل الجديد يُعد "إهانة وعدم احترام" لمصيرهم.
وكان يفترض أن يصدر الحكم الخميس الماضي، لكن القاضي حسن فريد، الذي كان مصابا بوعكة صحية على ما يبدو، الأسبوع الفائت، لم يحضر جلسة اليوم.
وذكر صحافي، من وكالة فرانس برس، أن قاضيا آخر أعلن تأجيل الحكم اليوم، موضحا أنه تعذر نقل بعض المتهمين الموقوفين في القضية نفسها إلى المحكمة.
وفي جلسة قصيرة لم تستغرق أكثر من خمس دقائق، أعلن المستشار أحمد يسري - الذي رأس الجلسة بدلا من القاضي فريد - "تعذر إحضار المتهمين بسبب الظروف الأمنية، وقررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة أغسطس، مع استمرار التدابير الأمنية".
وطغت مشاعر الإحباط والقلق على المصري باهر محمد وأقارب المتهمين؛ بسبب استمرار تأجيل القضية، خشية أن تكون هناك أسباب سياسية خلف قرار التأجيل الثاني للنطق بالحكم في القضية.
لكن شعبان سعيد محامي أربعة من المتهمين المصريين في القضية، قال داخل قاعة المحكمة، فور صدور قرار التأجيل: "لا أعتقد أن هناك أي أسباب سياسية وراء التأجيل. رئيس الدائرة مريض ولا يمكنه الحضور، وبالتالي لا يجوز قانونا أن يصدر الحكم من دائرة بها قاض جديد لم ينظر إجراءات القضية".
واعتبر باهر محمد، الذي بدا القلق والتوتر واضحا على وجهه، وهو يقف يحتمي من القيظ في ظل شجرة خارج مقر المحكمة، أن قرار التاجيل يعد "إهانة لحياتنا".
وقال محمد - وهو أب لثلاثة أطفال -: "إنها إهانة أخرى لحياتنا. شيء مزعج أن تظل حياتنا على المحك بهذا الشكل. أشتاق لحياتي وأشتاق لمهنتي".
وتابع: "أخشى حكما بالإدانة. الانتظار قاتل. سيكون شهرا آخر من المعاناة".
من جانبه، كتب الصحافي الكندي محمد فهمي، على حسابه على موقع تويتر، دقائق عقب تأجيل النطق بالحكم من جديد: "الحكم تأجل حتى 29 من أغسطس، الوقاحة وعدم الاحترام المستمر لحقوقنا غير مسبوق".
ويتزامن صدور هذا الحكم مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إلى مصر، لإطلاق الشراكة "الاستراتيجية" مجددا.
وسيسبب حكم بالإدانة للصحافيين إحراجا جديدا للحكومة المصرية، التي تستعيد العلاقات القوية مع واشنطن، بعد شقاق دبلوماسي عقب الإطاحة بمرسي في يوليو 2013.
وفي يونيو 2014، صدرت أحكام بالسجن سبع سنوات على محمد فهمي، وعشر سنوات على باهر محمد، اللذين أفرج عنهما بكفالة، في انتظار الحكم الجديد، وسبع سنوات على الأسترالي بيتر غريست الذي تم ترحيله إلى بلاده، في فبراير، وأعيدت محاكمته غيابيا.
وأدانت المحكمة صحافيي الجزيرة بنشر "معلومات كاذبة"، وبالعمل في القاهرة دون الحصول على تصريح منها.
لكن محكمة النقض ألغت الحكم في يناير الفائت، وقضت بمحاكمة الصحافيين مجددا، بعد أن قالت إن الحكم "يخلو من أدلة على الاتهامات التي أدينوا بها، وعدم احترامه حق المتهمين في الدفاع".
وجرى ترحيل بيتر غريست؛ بموجب قانون يسمح بترحيل الأجانب إلى بلدانهم، لكنه يحاكم حاليا غيابيا في القضية.
أما محمد فهمي وباهر محمد فقد أطلق سراحهما في أولى جلسات إعادة المحاكمة، في 12 من فبراير الماضي، بعدما أمضيا أكثر من 400 يوم في السجن.
وتخلى فهمي، الذي يحمل الجنسية الكندية، عن هويته المصرية، على أمل ترحيله على غرار غريست، دون جدوى.
وإذا ما أدينوا مجددا، يمكن للصحافيين الطعن في الحكم مرة أخرى وأخيرة، أمام محكمة النقض المصرية، أعلى محكمة في مصر، التي ستؤكد الحكم نهائيا أو تلغيه. وإذا ما ألغت الحكم حينها فإنها ستصدر حكما جديدا بنفسها.
وفي مايو، أقام فهمي دعوى قضائية في كندا ضد القناة القطرية، لمطالبتها بتعويض 100 مليون دولار، معتبرا أن "إهمالها" تسبب بحبسه وإدانته.
وكان صحافيو الجزيرة الثلاثة اعتقلوا في ديسمبر 2013؛ في أثناء حملة قمع استهدفت أنصار الرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي، الذي أطاحه الجيش بعد تظاهرات الثلاثين من يونيو 2013.
وجرت محاكمة هؤلاء الصحافيين فيما كانت العلاقات متوترة بين القاهرة والدوحة، التي ساندت مرسي. وتقول قناة الجزيرة باستمرار إن محاكمة الصحافيين الثلاثة "سياسة".
ويقول تقرير للجنة حماية الصحافيين: "18 صحافيا على الأقل يقبعون في السجون المصرية"، وهو رقم قياسي منذ بدأت اللجنة تسجيل بيانات حول الصحافيين المحتجزين في البلاد.
وأضاف التقرير أن الصحافيين في مصر "يواجهون تهديدات لا سابق لها".