دورات لا تتوقف وفعاليات تنظم باستمرار داخل مركز نوماس من أجل الحفاظ على التراث والموروث الثقافي للدولة، الذي يُعدّ «المجلس» رمزاً وباباً للغوص في التقاليد والعادات لأهل قطر.
ولكل موروث ثقافي آداب وقيم وكذلك «المجلس»، تتنقل من جيل إلى جيل لتحيا لمئات السنين وهي رسالة حملها على عاتقهم القائمون على مركز نوماس، من أجل إعداد جيل جديد يعتز بهويته الوطنية المستمدة من عبق الماضي.
ولأهمية «المجلس» في المجتمع، وضع مركز نوماس دورة «آداب المجلس» ركيزة أساسية من الدورات التي يقدمها؛ لتكون مدخلاً للدورات الأخرى، ولذلك التقت «العرب» مع السيد عبدالهادي النعيمي مسؤول تلك الدورة بـ «حاضنة الثقافة القطرية»؛ ليروي لنا أبرز القيم والآداب التي يتعلمها النشء ليصبح خبيراً في شؤون وعادات المجلس.
وفي البداية يقول النعيمي: إن دورة «آداب المجلس» تُعد حلقة الوصل بين حاملي الإرث الثقافي القطري والنشء الجديد، وتهدف إلى تعزيز قيمة الهوية والأصالة القطرية، وتشجيع النشء على الإبداع والابتكار، وتنمية القدرات وغرس روح الانتماء والمواطنة، وغرس الشجاعة في المخاطبة مع المتدربين.
عن أهم المعلومات التي يتعلمها النشء خلال الدورة، يقول النعيمي: «أولاً يتعرفون على الهدف الأساسي لإنشاء مركز نوماس، والقيم التي يجب أن يتعلموها من الدورة، مثل كيفية دخول المجلس والبدء بالسلام التي تُعد تنبيهاً لدخول المجلس، ومن ثم يخرج صاحب المجلس «راعي المجلس»، لاستقبال الضيف بالترحيب الحار الذي يزيد السرور لدى الضيف، ويقوم جميع الموجودين بالمجلس لاستقبال الضيف».
ويضيف: «بعدها يعبّر صاحب المجلس للضيف بكلمات ترحيبية، ثم يذكر اسم الضيف للحضور الذين يردون بكلمات ترحيبية أيضاً، ثم إذا رأى الضيف رجلاً كبير السن يبدأ من عنده بالسلام، وإن لم يجد فيبدأ السلام من يمين المجلس، وصاحب المجلس يذكر أسماء الأشخاص الموجودين في المجلس للضيف ليتعرف عليهم».
ويتابع قائلاً: «بعدها الضيف يقف في وسط المجلس ليسأل عن حال الربع، وبعدها يُجلس صاحب المجلس الضيف في صدر المجلس «المكان المميز في وسط المجلس» قبل أن يجلس الضيف يقول للأشخاص الواقفين لاستقباله: «استريحوا يا الربع» ثم يسألونه عن صحته».
ويستكمل النعيمي قائلاً: «بعدها يتعلمون كيفية تقديم الفوالة والقهوة للضيوف ثم تعليمهم آداب الجلوس، وهي عدم رفع الصوت أثناء الحديث، ولا التدخل في شيء لا شأن له فيه، وعدم خلق مشكلة في المجلس مع الأشخاص الحاضرين، ومشاركة الحديث مع الأشخاص والاستفادة منهم ومن خبراتهم في الحياة».
ويسرد -مسؤول الدورة-: «بعدها يتعلم كيفية الخروج من المجلس ومتى يخرج وعدم الخروج أثناء حديث أحد الأشخاص الحاضرين، والكلمات التي يرددها عند الخروج وهي: «فمان الله» وردها: «فمان الكريم»، ويخرج مع الضيف صاحب المجلس ليودعه بالترحيب الحار ويعزمه على الغداء أو العشاء، ويرافقه إلى باب المجلس أو سيارته لتوديعه».
ويرى النعيمي أن «المجتمع القطري محافظ على الإرث القديم في البر والبحر، وهذا ما يظهر جلياً في أكثر الأسر التي تصطحب أبناءها معها إلى مجالس الرجال لتعلم طريقة الحديث واحترام الكبير والجراء»، واصفاً المجالس بأنها «مدارس يتعلم فيها النشء من والده وجده وعمه وخاله العادات والتقاليد والسلام والتحفي والصبر والتعاون والتعرف على أصدقاء المستقبل».
ويعتبر النعيمي أن دورة آداب المجلس هي مفتاح وبداية لدورات المركز، وشرط من الشروط أن يجتاز تلك الدورة لأنها تعلمه الاحترام والتعاون والصبر والتعرف والجلوس بين أصدقاء وأصحاب المستقبل الجدد، موضحاً أن الدورة تقام على مدار العام بمعدل 3 دورات في الشهر الواحد، وتستغرق الدورة الواحدة 4 أيام لمدة ساعة ونصف، وتتراوح أعداد المشاركين في الدورة الواحدة ما بين 15 إلى 20 متدرباً، تبلغ أعمارهم ما بين 8 إلى 14 عاماً.
وعن شروط اجتياز الدورة، يوضح أنه يجب على المتدرب تعلم طريقة عمل القهوة بالطريقة القديمة ومسمياتها مثل: المحماس ويد المحماس والمبرد والهاون ويد الهاون والغوري والدلة والفنحال واليف والبيز، مضيفاً: «أيضاً يتعرفون على المصطلحات القديمة مثل أبهر الدلة بالبهارات بالهيل والزعفران والمسمار لتغير طعم القهوة، وانتظر القهوة للنضوج من 10 دقائق إلى 12 دقيقة حتى تخرج رائحة القهوة في المكان».
ويواصل مركز نوماس طرح دوراته بشكل مستمر سواء في آداب المجلس والعرضة أو السباحة أو ركوب الهجن والخيل والمقناص، وهي مستمدة من التراث والعادات الأصيلة لأهل قطر.
ويتيح المركز التسجيل في الدورات الجديدة عبر الخط الساخن للمركز أو عن طريق «واتسآب»، تخفيفاً على أولياء الأمور والتزاماً بالإجراءات الاحترازية المتبعة في الدولة والتباعد الاجتماعي.
وفتح المركز التسجيل في دورة آداب المجلس التي تقام في الفترة من 14 فبراير حتى 17 فبراير في مقر المركز بمنطقة الخليج الغربي، وأوضح المركز أن دوراته تركز على خلق مجتمع واعٍ بالعادات الأصيلة في الحل والسفر وفي البر والبحر وشتى مناحي الحياة، كل ذلك في إطار من الدين والخلق الرفيع وإكسابهم المهارات التي تؤهلهم إلى الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية، مشيراً إلى أن الفئة المستهدفة من سن 8 إلى 14 سنة.