صحف عربية: تعنت المتمردين «يعقّد» أزمة اليمن
حول العالم
02 يناير 2016 , 01:15ص
واصلت الصحف العربية الصادرة الأسبوع الماضي اهتماماتها بمتابعة الأحداث التي تمر بها بلدان الشرق الأوسط خاصة ما يحدث في بلاد الوطن العربي، والتي تطرقت إلى الأزمة اليمنية وتداعياتها التي لا يحمد عقابها أحد.
فمن جهتها، قالت بعض الصحف إن الشعب اليمني والعربي يأمل أن تنتهي الحرب وأن يعود بلدهم سعيدا كما يطيب لهم أن يسموه، وأن يكف الحوثيون وميليشيات صالح عن خروقاتهم وانقلابهم على الشرعية، مؤكدة أن الواقع يشير إلى استمرار المعاناة طالما لم يلتزم المنقلبون.
وفي ذات السياق رأت بعض الصحف أن المجتمع الدولي الآن بات أكثر رسوخا بأن المنطقة لا تحتمل صراعات أكثر من ذلك، كما أنه يدرك حجم الجهد الذي بُذل من أجل إضعاف «القاعدة» في بلاد اليمن وهو لا يريد عودتها من بوابة الأزمة اليمنية لاسيَّما.
فمن جهتها، قالت صحيفة القدس العربي في إحدى افتتاحياتها إنه لا شك أن المبعوث الدولي بذل جهوداً كبيرة لإحراز تقدم في المحادثات الأخيرة، ولا يمكن تحميله مسؤولية الحصول على «صفر كبير» في بيل، بل إن المسؤولية تتحملها الأطراف المعنية بتنفيذ القرار الدولي، والتي أعلنت قبولها لهذا القرار دون أن تسعى بشكل جدي لتنفيذه.
وأضافت أن الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أرسلوا رسالتين خطيتين، كلا على حدة، إلى أمين عام الأمم المتحدة السيد بان كي مون، أعلن الطرفان فيهما التزامهما بالقرار الدولي 2216، غير أنهما ذهبا إلى بيل بأحاديث حول «النقاط السبع» التي اقترحها وفد الحوثيين وصالح في مسقط، وعرضت في حينها على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وتم رفضها لأنها لا تفي بمتطلبات القرارات الدولية في هذا الخصوص.
وتابعت الصحيفة أنه ومع ذلك فقد اتفقت الأطراف اليمنية على قضيتين مهمتين: الأولى تتمثل في إيجاد آلية رقابة على وقف إطلاق النار، حيث من المفترض أن تشكل لجنة محايدة للمراقبة، وهو الأمر الذي كان الحوثيون وصالح يرفضونه، ثم تشكيل لجنة للمراقبة والإشراف على توزيع مواد الإغاثة الإنسانية، التي اتهمت تقارير دولية الحوثيين بالسيطرة عليها، والاستفادة منها لدعم مجهودهم الحربي، وحرمان المناطق المعنية من الاستفادة منها.
وأضافت أن الأطراف اليمنية في بيل كانت في الواقع تناقش قضايا ليست في صلب القرار الدولي 2216، وهي القضايا التي تحدثت عنها مسودة تقدم بها ولد الشيخ كإجراءات لبناء الثقة بين الطرفين المتصارعين، مثل إيصال المساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين لدى جماعة الحوثي. وانقضت الأيام الستة دون إحراز أي تقدم على مستوى إجراءات بناء الثقة، الأمر الذي أدى إلى تأجيل المحادثات إلى 14 يناير 2016، للخوض فيما نفذ منها، وللبدء في مناقشة بنود القرار الدولي بعد أن تم تأجيل مناقشتها إلى اللقاء القادم.
واختتمت القدس افتتاحيتها بقولها إن الحل في اليمن يظل واضح المعالم إذا ما قورن بالحلول في بلدان أخرى، إذ إن خريطة الطريق واضحة في مشروعيتها الوطنية المكونة من مخرجات الحوار الوطني، وبعدها العربي المتمثل في المبادرة الخليجية، ومرجعيتها الدولية المتمثلة في القرارات الدولية، وآخرها القرار 2216 الصادر تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. لكن كل ذلك الوضوح في معالم طريق الحل اليمني لا تبدو كافية مع غياب الإرادة السياسية للأطراف المعنية بالمضي قدماً في الحل.
وهكذا يبدو الحل في اليمن بعيداً على الرغم من أنه في متناول اليد.
من جهتها، قالت صحيفة الرياض السعودية في إحدى افتتاحياتها إن الآن يسود على المستوى الدولي الرفيع رغبة شديدة في احتواء فوضى الشرق الأوسط بشكل سريع، وعلى الأخص بعدما بدأت تتداعى تلك الاضطرابات وتُسمع في الداخل الأوروبي، وترمي بشررها في قلب العواصم والمدن الغربية.
وتابعت أنه في سبيل ذلك يبرز سعي حثيث لاسيَّما بعد اعتداءات باريس العاصمة الفرنسية التي تعرضت لهجمات إرهابية لم ترعوِ أوروبا إلا بعد ثالثها، لتدرك أنها أمام تهديد استهدف أبرز مدنها الأوروبية، وأكثرها حضوراً ورمزية في تاريخ القارة العجوز، وبكثير من الإصرار وخروجاً على كلاسيكيات الأداء السياسي والعسكري، التي صاحبت فوضى «الربيع العربي»، قامت بريطانيا وألمانيا المتحفظتان صوب أي تدخلٍ عسكري في المنطقة العربية، بالاتجاه، على نحو سريع، إلى إقرار الاشتراك في الهجوم على «داعش» في سوريا والعراق، والأمر قد يحتاج في قابل الأيام إلى تفويض جديد لملاحقة عناصره في ليبيا.
وأضافت: من هنا يمكن تفهم الإصرار على دفع الأطراف الليبية إلى إمضاء اتفاق الصخيرات، وتشكيل حكومة باعتبارهما الضمان الأساس والشرط الدولي من أجل تزويد ليبيا بالأسلحة، فالمعركة على وشك البدء، وحسب مصدر فرنسي فإنه لا يمكن القبول بأن يكون على ضفة المتوسط المقابلة ميدان لـ «داعش»، هذا الأمر سيدفع بلا شك إلى استعجال الحكومة الليبية ورص صفوف الفرقاء ووضع الخلافات جانباً.
وأضافت أنه بالنسبة لسوريا لا يمكن اعتبار قرار مجلس الأمن التاريخي بشأن سوريا، الذي جاء بعد خمس سنوات من الحرب الطاحنة، وقبول النظام والمعارضة على حد سواء بإطلاق مفاوضات بينهما لإيجاد حل سياسي للأزمة، إلا إشارة دولية بأن الوقت قد حان لإنهاء الصراع الذي تسبب في حالة انفلات حدودي بين سوريا والعراق جلبت معها بؤرة استقطابية إرهابية.
وأضافت أنه على ذات المسار الدولي الراغب في احتواء ولملمة الأوراق المبعثرة يبرز الملف اليمني، الذي وإن كان لم يأت بنتيجة مرضية في اجتماعات جنيف الأخيرة، إلا أن الحل قد يُقطف في إثيوبيا منتصف الشهر المقبل، ويظل اليمن إحدى حواضن الإرهاب الخطيرة، ويدرك المجتمع الدولي حجم الجهد الذي بُذل من أجل إضعاف «القاعدة» هناك، وهو لا يريد عودتها من بوابة الأزمة اليمنية لاسيَّما وأن مجلس الأمن قد هيأ الأرضية من أجل فرض حل ولو بالقوة بعد أن صوت بالموافقة على قرار 2216 تحت الفصل السابع، لذا فإن إنهاء الأزمة السياسية يظل أداة رئيسية للسيطرة على التنظيم الإرهابي.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بقولها: من هنا يمكن القول إن القناعة الدولية باتت أكثر رسوخاً بأن المنطقة لا تحتمل دخول أي دولة فيها أتون صراع قد يؤدي إلى عواقب مماثلة كما في سوريا أو العراق؛ بل إن الضغط الدولي سيكون حاضراً في سبيل استتباب المنطقة وإن كان السبيل إلى ذلك عنوة.
وفي إحدى مقالاته بصحيفة المشهد اليمني قال الكاتب خالد عبدالهادي: لقد ناورت قوات الرئيس عبدربه هادي والحلفاء العرب جنوباً، حول تعز وهاجمت في مأرب والجوف وحجة حتى وصلت إلى تخوم صنعاء في أقوى اختراق لمعقل علي صالح وعبدالملك الحوثي حتى الآن.
وأضاف الكاتب: لم يتوقع حلف صنعاء أن تأتيه الضربة في هذا التوقيت وتلك الجبهة بعدما شارك في محادثات جنيف الثانية، مستنداً إلى انتصارات تكتيكية في الجغرافيا التي يبسط سلطته عليها وموقف دولي يقر بشرعية هادي الرئاسية، غير أنه يرى جزءاً من مصالحه في اليمن مرتبطاً باشتراك هذا الحلف في إدارة السلطة مستقبلا.
وأضاف: لكن الهجوم النوعي الذي أدى إلى مقتل قائد القوات السعودية عبدالله السهيان في منطقة باب المندب، وقبله سجية حلف صالح والحوثي التي لا تقيم وزناً للعهود والاتفاقات أغرياه بخرق الهدنة المتزامنة مع المحادثات، فواصل عمليات القصف العشوائي في تعز وإطلاق القذائف الصاروخية صوب الأراضي السعودية وشن هجمات في مآرب.
كما أشار الكاتب إلى أن منظومات الدفاع الجوي التي نشرها السعوديون في مأرب لتلك الصواريخ حرم الحوثيين وصالحاً من ضربة صاروخية ناجحة تثبت معنويات مقاتليهم وأتباعهم، فلم يتوقف تراجعهم إلا على مشارف صنعاء.
وأضاف الكاتب أنه إذا استطاعت قوات الجيش والمقاومة الشعبية الاحتفاظ بمواقعها التي استعادتها في مأرب والجوف وتحصين قواعدها هناك فسيتيح لها ذلك خيار توسيع هجومها إلى محافظتي صعدة وعمران اللتين يتحدد فيهما، إلى حد كبير، مصير نظام 21 سبتمبر بفرعيه؛ الحوثي الذي يختنق بدون صعدة والصالحي الذي تشكل عمران خط دفاع أخير عن عاصمته التي لن يستطيع التحرك خارجها.
وأضاف الكاتب: لقد بلغ تهالك الحوثيين على توجيه الموقف القبلي حداً نحت فيه حملة التوقيع على الوثيقة منحى الإكراه ضد قبليين رفضوا الإقرار بها، وامتد أذى السلطة الحوثية إلى حقوق قانونية لمن رفضوا التوقيع عليها، وتلقى بعضهم تهديدات.
وأضاف أنه طبقاً لطبيعة حلف صالح والحوثي وعصبويته، سيقصر نطاقه الجغرافي الذي سيتخذه مجالاً لحربه على خارطته المذهبية والقبلية حيث يتوافر على عصبيات متعددة، توفر له الإسناد والملاذ.
وتابع: لقد قد تفاجأ أتباع صالح والحوثي باسترداد قوات هادي والمقاومة الشعبية للجوف ونادى غير واحد باستعادتها على خلاف مأرب التي يصنفها هذا الحلف بتركيبتها الاجتماعية ومذهبها الذي تعتنقه خارج دائرته العصبوية.
واختتم الكاتب مقالته بقوله إنه للتحقق من أن حلف صنعاء بدأ يُخرج مأرب من حساباته، سيكون علينا متابعة إحصاء عدد الصواريخ الباليستية التي شرع في تصويبها نحو المنشآت النفطية فيها.