القمة العالمية الوزارية السادسة.. وزير الصحة: الصحة النفسية حق أساسي من حقوق الإنسان

alarab
محليات 01 أكتوبر 2025 , 01:23ص
حامد سليمان

تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني ـ رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، افتتح سعادة السيد منصور بن إبراهيم آل محمود وزير الصحة العامة، أمس، القمة العالمية الوزارية السادسة للصحة النفسية، والتي تستضيفها دولة قطر، ممثلة وزارة الصحة العامة، على مدى يومين. حضر حفل الافتتاح عدد من أصحاب السعادة الوزراء، وممثلي الدول والمنظمات الدولية والإقليمية ذات العلاقة بالصحة النفسية، إضافة إلى خبراء ومختصين من مختلف مناطق العالم، وتنعقد القمة الوزارية تحت شعار «النهوض برعاية الصحة النفسية من خلال الاستثمار والابتكار والحلول الرقمية». 


وأكد سعادة السيد منصور بن إبراهيم آل محمود أهمية القمة الوزارية «للعمل معاً من أجل النهوض بالصحة النفسية في جميع مناطق العالم، من خلال رؤية بمنظور مشترك لمستقبل أكثر صحة وشمولاً.».
وقال سعادته في كلمته الافتتاحية: «تولي دولة قطر، تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، اهتماماً كبيراً بالصحة العامة، في إطار الحرص على ضمان صحة ورفاهية السكان، ومن خلال رؤية قطر الوطنية 2030 نعزز العمل لضمان صحة السكان البدنية والنفسية على حد سواء، كما أطلقنا استراتيجيات وأطرا وطنية مخصصة لتعزيز الصحة والعافية النفسية الجيدة للسكان من خلال تطوير نظام متكامل يضمن حصولهم على الرعاية المناسبة في الوقت والمكان المناسبين.»
وأضاف: «وضمن نهج الصحة في جميع السياسات، عملنا على تضمين الصحة النفسية في جميع القطاعات والمجتمع ككل. كما قمنا بمواءمة جهودنا الوطنية مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وخصوصاً الهدف الثالث المتمثل في الصحة الجيدة والرفاه.»
وتابع: «وعلى الصعيد الدولي ومن خلال الدور الفاعل لبلادنا لإحلال الأمن والاستقرار في العالم، فإن دولة قطر حريصة على العمل مع شركائها الدوليين لمنع الأزمات الدولية أو معالجتها وتخفيف آثارها، وتعمل بلادنا كذلك على دعم السياسات التنموية طويلة المدى لخدمة السكان مع التركيز على الفئات الأكثر حاجة للرعاية، ونؤكد على الأهمية الكبيرة لإيلاء الصحة النفسية اهتماماً دولياً أكبر وخصوصاً في ظل التحديات الدولية والأزمات الإنسانية غير المسبوقة.»
وأوضح أن التقديرات تشير إلى زيادة الاضطرابات النفسية، مضيفاً: «ونتيجة للتفاعل المعقد بين الاستعدادات الوراثية والعوامل الاجتماعية والبيئية، والصعوبات الاقتصادية، وحالات الطوارئ الإنسانية، والآثار بعيدة المدى للصراعات، تزداد الحاجة إلى خدمات فعالة للصحة النفسية يمكن الوصول إليها في جميع أنحاء العالم، انطلاقاً من إيماننا أن الصحة النفسية حق أساسي من حقوق الإنسان، ويجب أن يكون في صميم سياستنا العامة وعملنا الجماعي.»
كما أكد سعادة السيد منصور بن إبراهيم آل محمود أن القمة الوزارية تعمل على استكشاف كيفية ترجمة الالتزامات إلى إجراءات قوية تشمل الحكومات والمجتمع ككل، مشيراً إلى أن خطة عمل منظمة الصحة العالمية الشاملة للصحة النفسية 2013-2030 توفر مخططاً عالمياً يتم تفعيله من خلال المبادرات الإقليمية مثل خطة العمل الإقليمية في شرق المتوسط للصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في حالات الطوارئ 2024-2030، والجهود الرائدة لتعزيز إجراءات الصحة العامة والتي من شأنها إحداث تحول في الصحة النفسية لصالح الجميع.
كما استعرض سعادته عدداً من الموضوعات الرئيسية التي تناقشها القمة الوزارية والمتمثلة في الاستثمار في الصحة النفسية، والابتكار والحلول الرقمية، والإنصاف والشمولية، والتعاون وتبادل المعرفة، إضافة إلى الاندماج في سياسة أوسع نطاقاً من خلال تأكيد الالتزام بتضمين الصحة النفسية في أطر التنمية المستدامة والتغطية الصحية الشاملة والاستراتيجيات الوطنية، مع الاعتراف بدورها الأساسي في الازدهار الاقتصادي والتماسك الاجتماعي والأمن العالمي.
وأكد ثقته في أن القمة، والتي تعقد لأول مرة في الشرق الأوسط، «ستسهم في تعزيز مسيرتنا المشتركة، وستمثل نقلة نوعية استكمالاً لمنجزات القمم السابقة، والتي ساهمت في تعزيز التعاون الدولي، وإقامة شراكات فعالة، كما أكدت على الحاجة الملحة إلى تعزيز الاستثمار في الصحة النفسية باعتبارها أساساً للصحة العامة والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.»
واختتم سعادة وزير الصحة العامة كلمته بالقول: «دعونا نغتنم هذه اللحظة متحدين في الهدف والرؤية لتعزيز الصحة النفسية، فهذه القمة الوزارية مناسبة هامة لتأكيد التزامنا بالاستثمار والابتكار والإنصاف، والعمل المشترك لتحسين خدمات الصحة النفسية لجيلنا الحالي والأجيال القادمة.»
جرى خلال حفل الافتتاح عرض فيديو مميز حول قضايا الصحة النفسية الرئيسية حول العالم وأهمية القمم الوزارية للصحة النفسية في توحيد جهود الدول للعمل المشترك للنهوض برعاية الصحة النفسية على المستوى العالمي.

مدير عام الصحة العالمية: توسيع «التدخلات الفعالة» أبرز التحديات خلال الأزمات

أكد سعادة الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في كلمة مسجلة أن القضايا التي تناقشها القمة تجسد العديد من التحديات الرئيسية التي تواجه الصحة النفسية على الصعيد العالمي، ومنها استثمار التكنولوجيا الرقمية والوقاية من آثارها السلبية، وتمويل وتوسيع نطاق التدخلات الفعالة في مجال الصحة النفسية وخصوصاً أثناء حالات الطوارئ والأزمات الإنسانية.  وأضاف «نوقشت هذه القضايا في الاجتماع الرفيع المستوى المعني بالأمراض غير الانتقالية والصحة العقلية في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي. ويسرني قيام رؤساء الدول والحكومات بالتعهد بتوسيع نطاق الحصول على رعاية الصحة النفسية ليصل إلى 150 مليون شخص إضافي بحلول عام 2030. بالإضافة الى الاتفاق على تدابير مكافحة الانتحار وحماية الصحة النفسية للشباب. ويتمثل التحدي الآن في تحويل هذه التعهدات إلى أفعال على المستوى الوطني بشكل سياسات وبرامج وممارسات أقوى.» كما أكد مدير عام منظمة الصحة العالمية أن هذه القمة تعتبر منصة مهمة للعمل على التعهدات التي قطعتها الدول من خلال تقديم حلول ملموسة، وتحديد أولويات الاستثمار، وتعزيز التعاون الدولي، موضحا أنه «لا توجد صحة دون صحة نفسية».

نائب الأمين العام للأمم المتحدة: مسؤولية عالمية مشتركة

تحدثت سعادة السيدة أمينة محمد نائب الأمين العام للأمم المتحدة في كلمة مسجلة عن واقع الصحة النفسية على المستوى العالمي والحاجة إلى تحرك قوي لتحسين الصحة النفسية للجميع وجعلها ركنا أساسيا ضمن التغطية الصحية الشاملة. وأكدت سعادتها أهمية الاستثمار والابتكار والحلول الرقمية والتأكيد على أن الصحة النفسية حق إنساني عالمي ومسؤولية مشتركة.

وزير الصحة والسكان المصري: عنصرية عالمية في التعامل مع الاضطرابات النفسية

أكد سعادة الدكتور خالد عاطف عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان في جمهورية مصر العربية، أن القمة العالمية الوزارية السادسة للصحة النفسية، التي تستضيفها قطر، كأول قمة في المنطقة العربية والشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الصحة النفسية هي جزء من الصحة العامة، وأن الصحة النفسية والصحة الجسدية والصحة المجتمعية هي أضلاع الصحة بشكل عام.
 وقال سعادته: المجتمعات دائماً ما تهتم بالصحة البدنية وتغفل أهمية الصحة النفسية، على الرغم من أن قرابة مليار شخص حول العالم يعانون من اضطرابات نفسية، وما زال هناك وصمة للأمراض النفسية، الأمر الذي يمنع الكثير من الناس من العلاج.
 وأضاف: أكثر من 20 إلى 30 اضطرابا نفسيا تصل معدلات الاصابة بها 1 من كل 5 أفراد، وفي بعض الأبحاث 1 من كل 8 أفراد، واخرى 1 من كل 10، لذلك فإننا نتحدث عن عدد ليس بالقليل، وتتراوح المشكلات الصحية بين الأعمار المختلفة التي تعاني من الاضطرابات النفسية، والتي قد تصل إلى الاكتئاب والقلق، وهما من الاضطرابات النفسية الشهيرة جداً والأكثر شيوعاً على مستوى العالم.  وأردف سعادته: من المشكلات العالمية وعلى مستوى الشرق الأوسط تحديداً، التعامل مع هذه الاضطرابات بشكل عنصري يدعو إلى عدم اللجوء للعلاج أو الخوف من الوصمة المجتمعية التي يمكن أن يوصف بها المصابون بالأمراض النفسية. وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية حرصت على إدخال الصحة النفسية ضمن اهتمامات الحكومات ووزارات الصحة حول العالم، حتى يمكن أن تتعامل سواء من خلال التوعية أو التعليم أو توفير الأماكن العلاجية المختلفة على مستوى الوصول بسهولة إليها بمختلف الأعمار، وكذلك سرعة الاكتشاف للأطفال الذين يعانون من فرط الحركة وبعض الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تصعب على الأسر أن تكتشفها، وكلها اجراءات يتبناها المجتمع الدولي وبدأنا بتبنيها في مجتمعاتنا، والعمل على توفير ميزانيات للتعامل مع هذه الاضطرابات.  ونوه إلى أن جزءا من العمل على التوسع في خدمات الصحة النفسية هو وجود تشريعات في الدول تعطي الحق للمريض النفسي مثل ضم الصحة النفسية لمنظومات التأمين الصحي الشامل، وحق المريض في العلاج بالمجان، ولا تكون الكفاءة المالية عائقا في وصوله للعلاج، وأن الكثير من التشريعات الحكومية والاقليمية تنص على بعض المزايا التي يمكن أن تساعد في هذه المشكلة.

د. محمد بن حمد: خطوات قطرية ناجعة للاستثمار في الصحة النفسية

أكد الشيخ الدكتور محمد بن حمد آل ثاني مدير إدارة برامج الوقاية من الأمراض غير الانتقالية في وزارة الصحة العامة أن القمة العالمية الوزارية السادسة للصحة النفسية، والتي تُنظم لأول مرة في الشرق الأوسط وآسيا، تأتي ضمن اهتمام الدولة بالصحة النفسية للسكان.
وقال: دولة قطر حريصة دائماً على اتخاذ خطوات ناجعة ومستمرة، ومن بينها الاستثمار في الصحة النفسية، لأنها المسبب الأول للإعاقة عن العمل، فضلا عما تسببه من عدم القدرة على رعاية الشخص لأسرته، وقد ينتهي الأمر بالشخص للإدمان أو الانتحار.
وأشار إلى أن واحدة من مشكلات الكثير من وزارات الصحة حول العالم إنفاق 2 % فقط لدعم الصحة النفسية، وأن هذه النسبة يجب ألا تقل عن 5 %، منوهاً إلى أن دولة قطر تؤكد دائماً على الاستثمار في الصحة النفسية، وأن هذه الأموال تعد حماية للسكان وتحقيقاً للرفاهية، ودافع للعمل من أجل خدمة الدولة.
وأضاف: فيما يتعلق بالابتكار، فدولة قطر تطمح لتسريع الوقت لاستثمار الابتكارات والذكاء الاصطناعي بشكل فعال.
ولفت إلى أن قطر تعمل على ربط الدولة كلها بنظام إلكتروني واحد، ما يؤدي إلى استفادة الأشخاص من خلال الإنذار المبكر، من أجل الوصول للمريض قبل أن تتدهور حالته الصحية، وأن وجود أطباء متميزين أمكن من توفير الدعم النفسي الجيد للكثير من الحالات.
وأردف: تعمل وزارة الصحة على توفير خدمات الصحة النفسية على نطاق واسع، ومن بينها رقم التواصل المجاني لخدمات الصحة النفسية، إضافة إلى توفير خدمات الصحة النفسية في المراكز الصحية التابعة لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية، وكذلك يمكن أن تكون عيادات الصحة النفسية في القطاع الصحي الخاص داعم في توفير هذه الخدمات للسكان.

د. ماجد العبدالله: «الخدمات» تتسم بخصوصية عالية وسرية تامة

قال الدكتور ماجد العبدالله- رئيس الصحة النفسية واستشاري في الأمراض النفسية بمؤسسة حمد الطبية-، «إن هذه القمة من القمم المهمة، سيما وأنها تبحث في أسباب الوصمة الاجتماعية الملتصقة بالمصابين بالاضطرابات النفسية، وبحث الحلول من خلال الوسائل الممكنة ومن أهمها تسخير التقنية لرفع وعي المجتمعات، وللاستفادة من ما توفره التكنولوجيا في تسهيل وتيسير الوصول لخدمات الصحة النفسية، سيما وأنَّ تفشي الوصمة يسهم في إبقاء عدد من المحتاجين لدعم نفسي في الظل.. خشية من الوصمة الاجتماعية.» وأشار إلى أهم التحديات التي تواجه الصحة النفسية قائلا « إن الوصمة الاجتماعية، وصعوبة الوصول إلى الخدمات، إلا أن رقمنة خدمات الصحة النفسية سيسهل من الوصول ويقلل من الوصمة الاجتماعية، واستخدام البرامج الافتراضية. وحول التشريعات، أوضح الدكتور العبدالله قائلا « إنَّ خدمات الصحة النفسية في دولة قطر تتمتع بخصوصية عالية وسرية تامة تمنح للمريض حرية عدم ذكر اسمه هذا بالنسبة للخدمات التي تقدم عبر الخطوط الساخنة المخصصة لخدمات الصحة النفسية، إلا في حال تطلب الأمر وصفة طبية، فالصيادلة مدربين ومؤهلين لحماية بيانات أي مريض بالمطلق وخاصة المرضى النفسيين.»
وتطلع د. العبدالله أن تسفر القمة عن إيجاد حلول لمحاربة الوصمة الاجتماعية الملتصقة بالمرض النفسي أو الاضطراب النفسي، إلى جانب دعم البرامج المخصصة لخدمات الصحة النفسية، والتوجه لتطويع التقنية في برامج داعمة للصحة النفسية، وبدأنا بالفعل ببرامج رقمية، والذكاء الاصطناعي لتطوير خدمات الصحة النفسية.

64 متحدثاً محلياً ودولياً بالقمة

تتضمن القمة الوزارية برنامجاً حافلاً من الجلسات والفعاليات، بما في ذلك حلقتان نقاشيتان وست ورش عمل إضافة إلى عدد من الأنشطة المصاحبة، حيث يناقش المسؤولون وصانعو السياسات والمختصون قضايا الصحة النفسية الملحة لوضع استراتيجيات بشأنها على مستوى العالم. ويبلغ عدد المتحدثين في القمة 64 متحدثاً محلياً ودولياً.
وتهدف القمة الوزارية إلى معالجة الصحة النفسية كجزء لا يتجزأ من الصحة العامة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان تماشياً مع قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن الصحة النفسية وحقوق الإنسان، واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتسعى القمة العالمية الوزارية السادسة للصحة النفسية إلى تسهيل تبادل أفضل الممارسات، ومناقشة الاستراتيجيات القابلة للتنفيذ لتحسين تنفيذ نماذج الصحة النفسية المجتمعية، وخصوصاً من خلال الحلول الرقمية، وإعداد قرار عالمي بشأن الصحة النفسية، وتعزيز الاستثمار في البحث والابتكار في مجال الصحة النفسية.