أعلن الاحتلال الإسرائيلي، أمس، استهداف الناطق باسم كتائب عز الدين القسام، أبو عبيدة، في غارة جوية على قطاع غزة. هذا الإعلان، الذي جاء محمّلا بنبرة التفاخر من قادة الاحتلال، كأن قتل رجل واحد هو انتصار عظيم، يعكس حالة الرعب التي أثارتها كلمات أبو عبيدة في نفوسهم.
ولكن، حتى مساء أمس، تظل الأنباء حول استشهاده غير مؤكدة، وسط صمت رسمي من حركة حماس وكتائب القسام، مما يضفي المزيد من الغموض على مصير هذا الرمز.
وسخرت قناة على “تليغرام” منسوبة لحماس من ادعاءات الاحتلال، مشيرة إلى أن أبو عبيدة يظل «رمزا» للمقاومة، سواء كان حياً أو شهيداً.
كما حذّرت مصادر المقاومة من «حرب نفسية» يشنها الاحتلال لزعزعة الجبهة الداخلية الفلسطينية. هذه ليست المرة الأولى التي يدّعي فيها الاحتلال استهداف أبو عبيدة، فقد سبق أن أعلن عن محاولات مماثلة في مايو 2025، ليظهر بعدها أبو عبيدة حيا.
وفي يوم السبت الماضي، استشهد 66 شخصا على الأقل في غارات للاحتلال استهدفت مناطق متعددة في غزة، من بينها بناية سكنية قرب مفترق التايلندي بحي الرمال في غرب مدينة غزة، ويُرجّح أن تكون هذه البناية هي التي استُهدف فيها أبو عبيدة، إلى جانب عدد من أفراد عائلته.
وأفادت مصادر إعلامية، بأن القصف أدى إلى استشهاد جميع من كانوا في الشقة المستهدفة، مع أنباء بأنه كان فيها.
ولم يكن أبو عبيدة مجرد قائد إعلامي، بل كان رمزا للصمود والتحدي. خطاباته، التي امتزجت فيها اللغة الرصينة بالشحنة العاطفية، كانت بمثابة «مهدئ عصبي» للشعب الفلسطيني»، وأصبح رمزا للمقاومة، صوتا يهزّ أركان الاحتلال بعباراته النارية وخطاباته الأجشة التي تحمل في طياتها إيمانًا لا يلين.
وصفه الاحتلال بأنه «الشخصية الأبرز في تحديد سياسة الدعاية» لحماس، لكنه كان أكثر من ذلك؛ كان صوت الشعب الفلسطيني، ونبض قضية لا تموت.
وُلد في 11 فبراير 1985، في مخيم جباليا بشمال قطاع غزة، حيث تنفس هواء المقاومة منذ طفولته. بين أزقة المخيم، تشكّلت شخصيته، فجمع بين العلم والنضال، وحصل على درجة الماجستير في أصول الدين من الجامعة الإسلامية في غزة.
وكان أبو عبيدة أحد الأصوات التي أعلنت انطلاق «طوفان الأقصى»، ومنذ ذلك الحين، ألقى عشرات الخطابات المتلفزة والرسائل الصوتية، وأصدر بيانات صحفية وتغريدات عبر قنوات القسام على مواقع التواصل. كان يظهر ملثما بالكوفية الحمراء، مرتديا زيّه العسكري، ليصبح رمزا للغموض والتحدي. وصوته الأجش الذي يحمل مزيجا من الهدوء والقوة، أثار الرعب في نفوس قادة الاحتلال قبل جنودهم.