رغم الانهيار الاقتصادي غير المسبوق.. السيسي يمني المصريين ويعدهم بالخير

alarab
حول العالم 01 أغسطس 2016 , 03:18م
محمد نجم الدين
بالرغم من حالة الانهيار الاقتصادي غير المسبوقة في تاريخ مصر، وتدني مستوى المعيشة للمواطنين بشكل وصفه المحللون بـ"الكارثي"، وانهيار سعر الجنيه أمام الدولار بسبب الندرة في توفر العملة الصعبة ما أدى إلى ارتفاع جنوني للأسعار، ظهر رئيس النظام المصري اليوم ليمني شعبه بوعود وأمنيات جديدة على غرار "قناة السويس الجديدة .. ومشروع المليون وحدة .. وغيرها الكثير من المشاريع التي زعم السيسي أنها ستجعل مصر (أد الدنيا) على حد وصفه".

وقال رئيس النظام المصري، اليوم الاثنين، في تصريحات جديدة له وصفها المحللون بالخيالية في ظل الوضع الراهن: "إن المواطن المصري سيتمكن قريبا جدا من التوجه للبنوك والحصول على الدولار "بسعر موحد".

جاءت تصريحات السيسي اليوم خلال مشاركته في جلسة برنامج أطلق عليه "محاكاة الحكومة المصرية".

واستقبلت مصر يوم السبت وفدا من صندوق النقد الدولي لإجراء مفاوضات على طلب مصر اقتراض 12 مليار دولار ضمن برنامج تمويلي بقيمة 21 مليار دولار على ثلاث سنوات.

وتواجه مصر أزمة شديدة في توفير العملة الصعبة وتكافح لإنعاش اقتصادها.

ولم يخض السيسي في أي تفاصيل بشأن كيفية حصول المواطن على الدولار بسعر موحد من البنوك.

ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في البنوك 8.88 جنيه للدولار لتعاملات الأفراد بينما يبلغ أكثر من 12 جنيها في السوق السوداء.

وأضاف السيسي أن "الأيام المقبلة ستشهد الكثير من الأخبار الجيدة للشعب المصري." ولم يخض في أي تفاصيل عن تلك الأخبار.

وسيحتاج اتفاق مصر المزمع مع صندوق النقد على الأرجح التزامات بإصلاحات قد تجدها الحكومة محفوفة بالمخاطر من الناحية السياسية. ومن المحتمل أن يتم خفض دعم الطاقة كما يجب أن تطبق مصر ضريبة القيمة المضافة.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، عن السيسي قوله إن التحدي الرئيسي الذي يجابه مصر ليس الإجراءات "ولكن مدى قبول المجتمع والرأي العام له... الإشكالية تكمن في إذا ما كان الرأي
العام لديه الاستعداد أو قدر من المعرفة لقبول الإجراءات التي قد تكون صعبة أو قاسية.

"المصريون محبون لوطنهم وقادرون على تحدي الصعاب، إلا أنهم مشغولون بحياتهم اليومية، ولذلك يجب أن يتاح لهم قدر من المعرفة بشأن الإجراءات المطلوب اتخاذها لتجاوز الصعاب."

ورأى الناشط السياسي والمهندس ممدوح حمزة، في تصريحات سابقة له عبر حسابه بـ"تويتر"، أن مصر بلغت حدود الخطر في عهد عبد الفتاح السيسي.

وقال حمزة عبر حسابه على "تويتر": "هل ما يحدث لمصر أمر متوقع وطبيعي وبالصدفة". وتابع: "أي الوصول إلى الحدود الخطر لجميع المؤشرات معًا وفي سنتين، ما لم يحدث أثناء الثورة أو في أعقابها، أم مخطط؟".

كان السيسي قد وعد المصريين عقب الانقلاب العسكري في يوليو 2013، بتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، ووعدهم بالخروج من ضيق العيش إلى سعة الرخاء الاقتصادي خلال عامين، ومضى العام الأول تحت ستار المرحلة الانتقالية، وتولى عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، لتُختبر مقولاته التبشيرية التي صدرها للمجتمع المصري حول البنية الأساسية ومكانة مصر الاقتصادية وتدفق الاستثمارات.

ومضى عامان على ولاية السيسي، ليفاجأ المصريون بأنهم مطالبون بدفع فواتير تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كان أولاها تخفيض الدعم بالموازنة المصرية على الوقود والسلع الغذائية وبنود أخرى بنحو 51 مليار جنيه (5.7 مليار دولار) في موازنة 2014-2015، ما ترتب عليه ارتفاع أسعار وقود السيارات، والغاز الطبيعي بالمنازل والمصانع والأنشطة التجارية، وارتفعت كذلك رسوم استهلاك المياه. 

ثم جاءت دعوة المصريين للتبرع في حساب "تحيا مصر" الذي حوّل إلى صندوق فيما بعد. وكانت آخر دعوات التبرع من قبل السيسي نفسه حملة "صبح على مصر بجنيه".

ورغم هذا الأداء السلبي تتبنى الحكومة المصرية والسيسي نفسه خطابا يتسم بتحقيق إنجازات، وأنه يواجه تحديات عصر مبارك الذي امتد أكثر من ثلاثة عقود من الزمن. 

وحديث الأرقام في قنوات إعلام السيسي ليل نهار، عن التطور في الناتج المحلي الإجمالي يكذبه الواقع من حيث استمرار أزمة البطالة كما هي، واتساع رقعة العمالة غير الرسمية، وكذلك تراجع الصادرات وزيادة الواردات. فحسب بيانات وزارة المالية المصرية تراجعت الصادرات السلعية من 26.9 مليار دولار نهاية يونيو 2013 إلى 22.2 مليار بنهاية يونيو 2015.

وفي إطار المتاح من بيانات عن 2015-2016، تبين تراجع الصادرات السلعية في النصف الأول من العام إلى 9.1 مليار دولار، مقارنة مع 12.3 مليار خلال الفترة نفسها من العام السابق. 

وفي الوقت نفسه زادت الواردات السلعية من 57.1 مليار دولار في يونيو 2013 إلى 61.3 مليار في يونيو 2015. ولو كانت الزيادة في الناتج المحلي حقيقية لكان لها مردود في زيادة الصادرات وتراجع الواردات.

وبعد حالة التفاؤل الكبيرة التي رُوج لها بعد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس 2015، تراجعت الشركات الإماراتية التي أُعلن عن تنفيذها لمشروعي المليون وحدة سكنية والعاصمة الجديدة بسبب التمويل، حيث كانت هذه الشركات تخطط للحصول عليه من البنوك المصرية، بينما حكومة السيسي كانت تأمل تدفقا جديدا للتمويل الأجنبي، وبالتالي خرج مشروعان كبيران من خارطة الوعود الاقتصادية للسيسي.

أما مشروع توسعة قناة السويس فحقق مجموعة من السلبيات التمويلية من حيث التكلفة والعائد وسحب السيولة من البنوك والسوق المصرية، نظرا لاعتماد المشروع على مشاركة كبيرة من الشركات الأجنبية.

وحسب البيانات الرسمية لهيئة القناة، تراجعت إيرادات قناة السويس بنهاية العام 2015 بنحو 290 مليون دولار مقارنة بإيرادات 2014. وعرضت الهيئة تخفيضات على المرور للسفن العابرة خلال الشهور الماضية تصل إلى 50% لتعويض التراجع في إيراداتها. 

وبحسابات الفرصة البديلة، فإن سحب 60 مليار جنيه (6.7 مليار دولار) ووضعها في توسعة القناة ضيع فرصة استثمار هذه الأموال في مشروعات إنتاجية بمجالي الصناعة والزراعة، كانت جديرة بخلق فرص عمل حقيقية ومستقرة، فضلا عن تحسين هيكل الناتج المحلي، والتخفيف من العجز بالميزان التجاري.

م.ن/م.ب