القطريون يفضلون «السبحة» الكهرمان.. والتجار يصفونها بالمهنة «المباركة»
باب الريان
01 أغسطس 2012 , 12:00ص
الدوحة - عمر عبداللطيف
بضعة زبائن راحوا يقلبون أنواعا مختلفة من السبح، بعضها أبيض اللون وبعضها أصفر أو أحمر. في أحد محال بيع السبح في سوق واقف، انهمك علي الحلاني بإصلاح سبحة من الكهرمان، بينما انشغل بعض الزبائن في تمحيص أنواع مختلفة من السبح.
الكهرمان أغلاها ويفضله القطريون
أصل الكهرمان حجر مثل الصخر تماماً، يستورد من دول المنبع، وهي دول البلقان مثل لستوانيا وبولندا وأوكرانيا، وغيرها، يأتي الحجر من هناك «مخروز جاهز». بحسب الحلاني.
يتميز الكهرمان عن غيره، بأنه حجر كريم: قيمته، ملمسه، رائحته، ولا يحمله إلا قلّة، بعضه صخري يأتي من المناجم، وبعضه شجري؛ حيث يقوم الشجر بإفراز صمغ يتجمع إلى أن يتحجر مع مرور الزمن. والشجري شفاف، لكن الصخري هو الأفضل، كما يقول الحلاني، لأنه أجمل، فكلما أصبح الحجر قديما أصبح أجمل.
في محل البيت للكهرمان انشغل الحاج رجب الخفاجي، بترتيب بعض المسابح، عندما راح يشرح لـ«العرب» أنواعها، لكنه بداية يوضح أن المسابح مسألة تخص كل الديانات، فكل الديانات تستخدم المسبحة، لكن طريقة التسبيح تختلف. قائلا إن المسابح تصنع من أحجار نفيسة أو رخيصة تناسب كل الطبقات، مثل «البولستر والقزاز وغيرهما»، بينما يصنع بعضها الآخر من «الفيروز والمرجان والزمرد واليسر».
ويشير الخفاجي إلى أن العرب القطريين والخليجيين، يفضلون المسابح المصنوعة من الكهرمان، الذي ينقسم إلى عدة نوعيات، تختلف بحسب نوعية الخراطة، فإذا كانت الخراطة دائرية أو «اسطنبولي» نسبة إلى مدينة اسطنبول التركية، كانت أفضل؛ حيث كل كيلوجرام من الكهرمان، يصنع منه مسبحة بحجم 250 جراما، أي نسبة الهدر %75؛ لذلك سعر الكهرمان غالٍ، فالخامة بدأت تفقد بالأسواق.
هناك نوع من الكهرمان الجديد، كما يقول الخفاجي، ولكن الفرق بينه وبين القديم، مثل الفرق بين السيارة المرسيدس الجديدة والقديمة؛ حيث السيارة المرسيدس القديمة أغلى لأنه لا يوجد سوى بضعة سيارات في العالم كله مثلاً.
يرتفع سعر الكهرمان كلما أصبح أقدم. بيد أن هناك اليوم من يعرض مسابح الزجاج للحرارة، لكي يصبح لونه بنياً مثل الكهرمان القديم.
ويصل سعر جرام الكهرمان «المنمش» أي القديم وذي اللون البني أو العسلي إلى ألف ريال تقريبا، لكن الكهرمان الأبيض «ضرب السوق اليوم»، ويباع الجرام منه بنحو 200 ريال إلى 250 ريالا. يقول الحلاني.
كهرمان بداخله حشرات
بعض سبح الكهرمان، تحتوي حباتها على حشرات، وسعرها غالٍ؛ إذ يصل سعر الجرام منها إلى 100 ريال قطري، وهي نادرة وقديمة، وبعض الناس ترغب فيها، لكن ليس كالسابق، الآن خف الطلب عليها.
ولكن كيف دخلت هذه الحشرات داخل حجر الكهرمان، يقول الحلاني إن الشجر عندما يفرز الصمغ ينقط على بعض الحشرات، التي تموت وتتحنط داخل الصمغ الذي يتحول إلى حجارة كريمة مع مرور الزمن، خاصة إذا وقع داخل المياه «قد يصل عمر هذه الأحجار إلى 500 عام».
الفيتران والمرجان التونسي بعد الكهرمان
هناك أيضا مسابح من العاج واليسر، وعظم الجمل، وكلها تصنع في مصر، لكن من ناحية الجودة، يأتي «الفيتران» في الدرجة الثانية من ناحية الغلاء والجودة بعد الكهرمان، وهو يتكون من مواد صناعية، صنعه الألمان في عهد هتلر، وإلى الآن لم يعرف أحد «الخلطة» لهذا المعدن. وهو نادر ولذلك سعره مرتفع. تباع القطعة منه بـ8 آلاف ريال، وإذا كانت ناعمة وخراطتها جيدة تباع بـ20 ألف ريال، والشفاف منه رخيص. يوضح الخفاجي.
بعد الفيتران تأتي السبح المصنوعة من المرجان التونسي، وهو أغلى من الكهرمان إذا كان حجمه كبيرا ودائريا، «هناك تقليد صيني، لكنه رخيص».
بعد الفيتران والمرجان التونسي، يأتي السندلس، ويرتفع سعره حسب صناعته، فلو كانت الخراطة يدوية يكون سعره أغلى، وقد تصل أجرة الصانع للمسبحة إلى ألفي دولار.
سبح من الزمرد واليسر والكوك المطعم بالفضة
هناك أيضا سبح مصنوعة من الزمرد ذي اللون الأزرق، ويباع القيراط منه بنحو 400 إلى 500 ريال قطري، وأفضله الزمرد الكولومبي أو السريلانكي، أما اليسر وهو أسود اللون فأغلاه السعودي المستخرج من البحر الأحمر، وتباع المسبحة بألفين إلى 3 آلاف ريال. ويختلف سعره باختلاف نوعية «القصة والخراطة والصناعة التي تلعب دورا كبيرا في تحديد السعر».
أفضل الصناعات هي الألمانية والتركية والمصرية، كذلك يوجد «خراط» في الدوحة، لكن صناعة المسبحة تكلف ما يقارب الـ400 دولار، «تأخذ الحجر إليه وهو يقوم بقصها وخراطتها ويسلمها جاهزة حسب الطلب، إنها مكلفة فلو كانت المسبحة 70 جراما مع الحجر والقصة تكلف حوالي 17 ألف ريال».
يوجد أيضا مسابح مصنوعة من اللؤلؤ، لكنه ليس طبيعيا بل من اللؤلؤ الزراعي الياباني. وهو غالٍ أيضا إذا كانت الحبة منه «مبرومة ونظيفة»؛ حيث يصل سعر السبحة إلى ألفين و3 آلاف ريال.
بعض المسابح تُطَعم بالفضة، وأكثرها تلك المصنوعة من خشب الكوك المستورد من تركيا، كذلك اليسر والعاج يطعم بالفضة، «البعض يطعم الكهرمان بالفضة، لكنه لا يصبح جميلا، وحرام أن يعلب بالكهرمان»، يقول الحلاني.
في محله يصلح الحلاني أنواعا مختلفة من المسابح، ويختلف حجم المسابح أيضا، فمنها 33 حبة أو 45 حبة أو 52 حبة أو 99 حبة، وأكثرها مبيعا ذات الـ33 حبة.
مهنة لا تخسر وسوقها «ماشية في أي وقت»
يرى الخفاجي أن عالم السبح «غريب»، لم يعمل فيه أحد و «افتقر» أي صار فقيرا، فهذه المهنة فيها «بركة ومرزوقة، والكهرمان صديق ممتاز، لا يخسرك، الكهرمان لا يتوقف باليد ويباع مباشرة».
أفضل سوق للمسابح هو قطر، في رمضان تزيد حركة البيع والشراء، وأغلب الزبائن من القطريين والخليجيين ويفضلون الكهرمان، الأجانب يشترون أنواعاً أخرى غير الكهرمان.
النساء أيضا تشتري المسابح، ولكن كهدايا، «بعض النساء تشتري السبحة كهدية لزوجها أو أقاربها وهكذا».