«العرب» ترصد مطالبهم في التعليم والتوظيف والترفيه والتقاعد«أصحاب الهمم».. تحديات.. وهموم .. وآمال

alarab
تحقيقات 01 يوليو 2022 , 12:25ص
يوسف بوزية

د. طارق العيسوي: نقص الخدمات المساندة في التعليم

د. هلا السعيد: تسهيل الخدمات السياحية أمر مهم

حسين نظر: توفير وظائف تناسب مؤهلاتهم

رصدت «العرب» جانباً من أهم الاحتياجات التي ينشدها ذوو الإعاقة في مختلف المجالات الصحية والتعليمية والخدمية، إلى جانب مطالب أفراد هذه الفئة المهمة التي لا تنسلخ عن نسيج المجتمع القطري واحتياجاتهم في الجانب الحياتي والوظيفي والتقني، والمعوقات التي أجمعوا على ضرورة تذليلها للوصول للمستويات المطلوبة من الإنجازات التي تسهم في تحسين معيشة ذوي الإعاقة ودعم استقلاليتهم في تيسير شؤون حياتهم وتذليل الصعوبات التي يواجهونها، فضلاً عن ضرورة إنصافهم في نظام التقاعد أسوة بالفئات المجتمعية الأخرى، نظراً لأن القانون الحالي لا يراعي بعضاً من حقوقهم المشروعة، ومنها قطع العلاوة عنهم بعد التقاعد، حيث الدولة تمنح الموظفين من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة علاوة 25% من الراتب الأساسي لكن يتم قطعها بعد التقاعد رغم استمرار حاجتهم الماسة إليها.

في حين أجمع العديد من الخبراء على بدء الالتفات الرسمي لذوي الإعاقة في دولة قطر منذ السبعينيات، حيث كان أول اهتمام حكومي بذوي الإعاقة في مدرسة طارق بن زياد الابتدائية حين افتتح فصل كان يضم المصابين بالإعاقة العقلية والسمعية، ثم تطور إلى أن افتتحت «مدرسة الأمل» في بداية الثمانينيات ومدرستا التربية الفكرية والتربية السمعية بنين وبنات، لكن التحديات التي يواجهها أفراد ذوي الإعاقة خلال الدراسة أو التوظيف أو العمل مستمرة.

 كما يؤكد الكاتب حسين خليل نظر، نتيجة غياب الوعي بقدراته أو بعض القصور في تهيئة البيئة التعليمية المناسبة للكفيف.
وأوضح أن المشكلة التي يعاني منها الكفيف أن بعض الجهات لا تعطيه العمل الخاص بتخصصه فعليا، أو أنه لا يعطى عملا أبداً، بسبب وجود مديرين لا يؤمنون بقدراته ولا يفهمون احتياجاته، داعياً المجتمع أن يعي قدرات الكفيف ويعترف بها أولاً.
ونوه بالمسؤولية الملقاة على عاتق ذوي الإعاقة في أن يبرز نفسه أمام المجتمع الذي يجب عليه أن يعترف به كعضو من أعضائه الفاعلين مثل غيره من أعضاء المجتمع، ثم الاعتراف بتخصص الكفيف، فالمجتمع مستمر في نظرته النمطية حول عمل الكفيف بأنه إمام مسجد أو خطيب أو مدرس أو عامل بدالة، في حين وجدنا الكفيف في مختلف المجالات فوجدناه القانوني، ووجدناه في العلاقات العامة، ووجدناه في الهندسة الصوتية وغيرها من مجالات الحياة.
ونجح حسين نظر في شغل عدة مهام وظيفية منها أخصائي قانوني أول في مركز الدراسات القانونية والقضائية بوزارة العدل، وناشط في مجال حقوق الإنسان لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وكاتب عمود في صحيفة العرب، بالإضافة إلى أنه مؤسس ومدير عام مؤسسة أصدقاء ذوي الاحتياجات الخاصة.

خدمات مساندة 
من جهته، أكد د. طارق العيسوي خبير التربية الخاصة، أهمية دمج الأشخاص ذوي الإعاقة بالتعليم العام مشيرا إلى الآثار النفسية والاجتماعية الإيجابية على الأسرة والشخص من ذوي الإعاقة مثل اكتساب المهارات اللغوية والسلوكية والاجتماعية والأكاديمية، والقدرة على المشاركة في الأنشطة والبرامج المختلفة، منوها بتعديل البيئة المدرسية لاستقبال الطلاب ذوي الإعاقة خاصة الإعاقات الحركية بأنواعها والإعاقات الذهنية والبصرية والسلوكية.
وأوضح د. العيسوي أهمية تدريب الكادر التعليمي والإداري المستمر حول طبيعة وسمات ومهارات التدريب والوسائل اللازمة وإدخال التعديلات على البرامج التعليمية وتطوير الخدمات التأهيلية المساندة، مثل العلاج التخاطبي، والطبيعي، وإدخال برامج تتناسب وطبيعة الأشخاص المدمجين في حصص التربية الرياضية والتربية الفنية والحاسوب والمعامل وغيرها، بالإضافة إلى تعديل اللوائح الداخلية وتقنين الأدوات والاختبارات على البيئة القطرية، والتأكيد أن كل طالب من ذوي الإعاقة له سماته وطبيعته وقدراته وأهمية اختيار العاملين في مجال الدعم التعليمي وفقاً لمعايير مهنية وشخصية وأكاديمية رفيعة للغاية.
وأشار إلى أن عامل العمر الزمني ليس هاما فهم يستطيعون الدمج الأكاديمي في نفس المرحلة العمرية مع الأشخاص من غير ذوي الإعاقة، وفي بعض الحالات يمكن الاستثناء لسنة أو أكثر حسب طبيعة الحالة الصحية والذهنية، أما الإعاقات الذهنية والحالات بطيئة التعلم وحالات اضطراب التوحد والنشاط الحركي المفرط مع تشتت الانتباة والإعاقات السمعية أرى أن عامل العمر الزمني ليس هاما المهم هو التأهيل والتدريب الجيد والمستمر لتلك الفئات والعمل تمهيدا للدمج بالمدارس العادية كل حسب قدراته ومهاراته وقدرته على اكتساب المناهج الدراسية وإمكانية تحقيق الحد المناسب من المعايير.
وأضاف د. طارق أن الدمج يعتمد على القدرات الذهنية وليس نوع الإعاقة فكل الإعاقات تستطيع أن تدمج بالمدارس العادية في حالة كانت قدراتها الذهنية مناسبة حتى تستطيع اكتساب المهارات والبرامج التعليمية وتحقيق المعايير وعلى المدرسة أن توفر الأدوات والأجهزة المساعدة على التعليم واكتساب المهارات والبرامج وتضع أسسا للتواصل مع الأسرة والمعالجين والأخصائيين من أجل دعم الطالب واستمراره في التعليم والتدريب وصولاً إلى الاستقلالية والاعتماد على الذات.
ونوه بأن أبرز التحديات التي تقف أمام الدمج تتمثل في عدم توفر بعض الخدمات التأهيلية المساندة في بعض المؤسسات التعليمية مما يرهق كاهل ولي الأمر ويؤثر على الحالة ويؤخر تطورها، وعدم وجود علاقة مهنية من التعاون والود بين الأسرة والشخص من ذوي الإعاقة والقائمين على العملية التدريبية والحاجة إلى توفير الدعم النفسي لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة والتعرف على الخطط والمسارات بشفافية.
التخصص والتوظيف
وقال إكرامي أحمد، مشرف البرامج والأنشطة بمركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين إن دولة قطر أولت اهتماماً برعاية ذوي الإعاقة من خلال الانضمام إلى الاتفاقيات في هذا المجال ومنحت ذوي الاحتياجات وذوي الإعاقة شهادات وبطاقات خاصة لتسهيل حصولهم على حقوقهم المنصوص عليها في القانون، كما تم تخصيص عدد من الوظائف العامة لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة وإعطاؤهم أولوية في التعيين بها، وإن كانت بعض الوظائف شكلية في بعض المؤسسات أو أنها لا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية وطاقاتهم الحقيقية بسبب غياب «الرؤية» لدى تلك المؤسسات لجهة دورها ومسؤوليتها الاجتماعية في إدماج هذه الفئة في مختلف قطاعات سوق العمل.
وأشار إلى عدم صحة الهواجس التي تنتاب بعض الجهات بما فيها المؤسسات الحكومية حول ضعف إنتاج ذوي الإعاقة، لافتا إلى أن كثيرا من ذوي الاحتياجات الخاصة أثبتوا كفاءتهم حين أتيحت لهم الفرصة.
وأكد أن بعض الشركات الخاصة كانت حريصة على توظيف أشخاص من ذوي الإعاقة، كما يشترط القانون، الذي يلزم الشركات الخاصة التي توظف ما لا يقل عن 25 موظفاً، أن تقوم بتعيين بعض من ذوي الإعاقة في حين يشترط القانون تخصيص 2% من فرص العمل في الهيئات الحكومية والمؤسسات العامة لذوي الاحتياجات الخاصة.
ونوه باهتمام مشغلي خدمات الاتصال في الدولة بطرح باقات وخدمات جديدة للعملاء من ذوي الإعاقة، وذلك لتسخير أحدث التقنيات الرقمية لتحسين حياة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، مع توفير منتجات وخدمات تصبح ملائمة لاستخدام الأشخاص ذوي الإعاقة.
وأعرب عن حق الأشخاص ذوي الإعاقة في النفاذ الرقمي للخدمات والبيانات المتاحة على مختلف مواقع الإنترنت والاستفادة من المزايا التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة أسوة بالمستخدمين الآخرين.

خدمات الترفيه
ودعت الدكتورة هلا السعيد، سفيرة النوايا الحسنة وخبيرة في شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى تسهيل الخدمات السياحية للأشخاص ذوي الإعاقة لحاجتهم الماسة للترفيه وضمان المساواة وعدم التمييز وحقهم بالحياة الكريمة وتكافؤ الفرص، منوهة بضرورة تحقيق مفهوم إدماج وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع والتغلّب على التحديات التي تواجههم. 
وأشارت د. السعيد إلى عدم قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على الحصول على حقوقهم في المجال السياحي والتمتع بالحياة بصورة طبيعية وزيارة الأماكن السياحية في أي وقت وأي مكان دون عوائق، وعند رغبتهم بالسفر والسياحة يقابلها العديد من التحديات والصعوبات.
ونوهت بحاجة ذوي الإعاقة للترفيه والسياحة من خلال تعزيز مفهوم «السياحة الميسرة» أو «السياحة الإنسانية» من خلال توفير الخدمات والتسهيلات التي بمقدورها أن تمكّن الشخص من ذوي الإعاقة من التمتع بعطلته أو الوقت الذي يخصصه للترفيه عن نفسه، من دون مشاكل. 
وأكدت أن تهيئة المرافق السياحية لاستقبال ذوي الإعاقة لا تحتاج إلى كثير من النفقات كما قد يتصور البعض، إذ إن تهيئة المرفق السياحي ليكون مؤهلا لاستقبال ذوي الإعاقة لا يقتضي بالضرورة الكثير من التغيرات الإنشائية المكلفة، حيث إن نسبة ذوي الإعاقة الحركية التي تقتضي الكرسي المتحرك تقارب 5% من ذوي الإعاقة فقط، لذلك وباستعمال وسائل وأدوات بسيطة وتدريب الكادر يمكن تقديم الخدمة لما نسبته 95% من ذوي الإعاقة. وبعد إجراء اللازم واعتماد المواصفات والمعايير المعتمدة، يتم تسجيله ويكون ذلك بزيارة ميدانية من قبل مختص بمواصفات السياحة الإنسانية، ليتم إدراج المرفق السياحي ضمن الدليل والكراسات المعتمدة ويمنح الشهادة المطلوبة، كما تتم المراقبة الدورية الميدانية للمرفق سنويا للتأكد من مطابقته للمواصفات وممكن الترخيص يكون سنويا للتأكد من الالتزام بالمعاير.

مطالب وخدمات
واستعرضت د. هلا أهم المطالب والخدمات الواجب توفرها لذوي الإعاقة: 
- تذليل العوائق والتحديات وفتح آفاق واسعة أمام الشخص ذي الإعاقة لممارسة حياته كإنسان تتساوى حقوقه مع الشخص من غير ذوي الإعاقة والقيام بأنشطته بشكل مرن دون عقبات، وذلك حسب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وهي إحدى اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية الملزمة التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2006، وصادقت عليها أغلبية الدول وبدأ نفاذ العمل بها.
- توفير المواصفات البيئية العمرانية والبنية التحتية والخدماتية المرافقة والشوارع والأرصفة التي تتناسب مع السياحة الميسرة أو الإنسانية، التي أخذت تفرض نفسها وتتبلور مؤخرا في بعض الدول، لتشكل واقعا إنسانيا جديدا لما ينبغي أن تكون عليه البيئة العمرانية والخدماتية، لتكون مُيسّرة إنسانيه للسيّاح من ذوي الإعاقة. 
- وضع منهج يتم تعليمه في كليات السياحة، حتى يتسنى لخريجي الكليات التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة بمختلف أنواع إعاقاتهم سواء كان شخصا أصم أو شخصا ضعيف السمع أو شخصا ذا إعاقة جسدية أو شخصا ذا إعاقة حركية أو شخصا ذا إعاقة جسدية وحركية، حيث لكل حالة من الإعاقة أسلوب خاص في التعامل، مما يخرج مرشدًا سياحيًا على دراية وخبرة يدخل سوق العمل المتعطش إلى هذه الكفاءات والتخصصات.

مسؤولية مشتركة
وأوضحت الدكتورة السعيد أهمية التركيز على سياحة ذوي الإعاقة لكونها مسؤولية مجتمعية تقع على الجميع من حكومات وشركات والمجتمع المدني وأفراد، ثانيا: لحاجتهم الماسة للترفيه.
ثالثا: تعتبر نوعا من أنواع العلاج النفسي، فكلما تهيأت الظروف للتمتع بمستوى أفضل من الحالة النفسية، كلما أدى ذلك إلى تحسن حالته الصحية، لذلك ينبغي مساعدتهم ودعمهم للتغلّب على التحديات التي تواجههم.
رابعا: تعتبر جانبا اجتماعيا بالتواصل مع المجتمعات والتعرف على الثقافات المختلفة،
خامسا: تساهم بالجانب التسويقي.

«العدالة الرقمية» للمكفوفين

يرفع بعض الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية شعار «العدالة الرقمية» تعبيراً عن حقهم في النفاذ الرقمي للخدمات والبيانات المتاحة على مختلف مواقع الإنترنت، والاستفادة من المزايا التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة أسوة بالمستخدمين الآخرين.
ونوهوا بزيادة الوعي بأهمية إنشاء المنصات الرقمية المتوافقة مع المستخدمين من ذوي الإعاقة البصرية بدولة قطر، وإثراء الجانب التكنولوجي لمواكبة التطورات الحاصلة على مستوى العالم.
وأشاروا إلى عدم إتاحة الفرصة كاملة لفئة المكفوفين بالخدمات على غرار «التسجيل الإلكتروني» في بعض الفعاليات واستكمال الإجراءات المتبعة دون مساعدة، وهو ما يستدعي استحداث تطبيقات متوافقة مع المستخدمين من ذوي الإعاقة البصرية.
من جانبه، يساهم مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين، بالتعاون مع مركز قطر للتكنولوجيا المساعدة «مدى»، في تسليط الضوء على أهمية هذا الجانب من خلال الندوات وإبراز مطالب المكفوفين واحتياجاتهم في الجانب التقني واستعراض أحدث وسائل التكنولوجيا المساعدة لاستفادة المكفوفين من مزايا التقنيات الحديثة.
كما يساهم مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين، ومركز التكنولوجيا المساعدة «مدى»، في تمكين المكفوفين وضعاف البصر في دولة قطر من استخدام أحدث وسائل التكنولوجيا المساعدة، حيث وقع الجانبان اتفاقية تعاون مع المجلس الأعلى للاتصالات، تنص على قيام المجلس الأعلى للاتصالات بتقديم منحة لمعدات وبرمجيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للمركز بالاشتراك مع مركز مدى، وكذلك تقديم الدعم المستمر من أجل تطوير الخدمة المقدمة لمستخدمي المركز. ومن شأن التعاون إتاحة الفرصة لتطوير الخدمات الإلكترونية والتكنولوجية المقدمة للمستخدمين في المركز من المكفوفين وضعاف البصر من الجنسين، وإثراء الجانب التكنولوجي لمواكبة التطورات الحاصلة على مستوى العالم أجمع.

تطوير مستوى خدمات أطفال التوحد

رصدت «العرب» أيضا جانبا من معاناة أهالي الأطفال ذوي التوحد، بما فيها ارتفاع أسعار المراكز التعليمية الخاصة، في ظل قوائم انتظار طويلة في مركز الشفلح، ما يدفع بالعديد من أولياء الأمور للجوء إلى المراكز الخاصة الأخرى والتي يعاني بعضها من غياب الرقابة، ونقص الكادر التعليمي، وارتفاع الأسعار التي تلتهم ميزانية الأسرة دون رحمة، مطالبين بإنشاء مراكز تأهيل وتوظيف للأطفال ذوي التوحد.
وقالت أم راشد، والدة أحد أطفال التوحد إن الخدمات التعليمية والصحية والتأهيلية شهدت تطورا في السنوات الأخيرة ولكن ما زال يشوبها بعض القصور ونحن نسعى لمعالجته وسد الخلل فيه وهو أمر لا يمكن لنا تحقيقه دون أن تفتح المؤسسات الوطنية أبوابها لنا من خلال قنوات الحوار وطرق عمل منهجية، منوهة بأهمية التعاون بين أجهزة الدولة المختلفة ومراكز ذوي الإعاقة، لا سيما التوحد لتغيير واقعهم إلى الأفضل خاصة وأن الأسرة بمفردها مهما بذلت من مجهود لتحقيق التطور المنشود لابنها فإنها تظل عاجزة أمام جملة من التحديات الشائكة.
وأضافت أن الطفل من ذوي اضطراب طيف التوحد بحاجة لعمل مشترك من جهات مختلفة بجانب الدور المحوري للأسرة، مشددة على ضرورة النظر إلى تحسين أوضاعهم كأولوية في المرحلة المقبلة، ولاستيعاب المشخصين الجدد بطيف التوحد.
وأكدت أم راشد أن أهالي الأطفال ذوي التوحد محاطون بتحديات عديدة، تبدأ بالخدمات الصحية والتعليمية المناسبة، ثم التدريب والتأهيل، مرورا بالدمج والقبول الاجتماعي، ولا تنتهي بالنشاطات الرياضية والترفيهية المناسبة.
وأضافت أن المراكز التعليمية الخاصة باهظة الكلفة، كما أن وقت الجلسة المخصصة للطفل (نصف ساعة) لا تعد كافية وإذا أردت أن تكون المدة ساعة واحدة فإنه يتم مضاعفة المبلغ، حيث تبلغ كلفة تعليم طفل التوحد ما بين 80 – 90 ألف ريال في السنة الواحدة، وهو مبلغ نحن قادرون على دفعه والحمد لله ولكن يمثل عبئا ماليا كبيرا بالنسبة للكثير من الأسر، كما تعاني بعض المراكز التعليمية الخاصة بأطفال التوحد من غياب الرقابة، وهي لا تمنح ذوي الأطفال المنتسبين للمركز فرصة الاطلاع على كاميرات المراقبة، لمتابعة أبنائهم والاطمئنان عليهم، ونحن نتذكر حادثة إقفال أحد المراكز الخاصة بعد أن تبين قيامهم بتقييد أحد الأطفال ووضع الملح والفلفل في فمه لضمان السيطرة عليه، أما المعاناة الأخرى والتي يكابدها أهالي الأطفال ذوي التوحد فتتمثل بوجود قائمة طويلة على قائمة الانتظار في قسم التأهيل التابع لمستشفى الرميلة، قد تصل في كثير من الأحيان إلى 10 شهور.
وأضافت أن ابني راشد يفترض أن يأخذ جلستين في الأسبوع لكنه يأخذ جلسة واحدة كل 3 أسابيع، نتيجة قلة الكادر الطبي قياسا بالأعداد المتزايدة من أطفال التوحد في المجتمع، ما يتطلب إنشاء مراكز حكومية متخصصة بذوي التوحد لتخفيف أعباء الانتظار الطويل. أضف إلى ذلك صعوبة إلحاقه بالمدارس الحكومية وتقلص فرصة دراسته، وكلما تقدم في العمر زادت صعوبة إلحاقه بجهاز التعليم. 
معاناة الدمج
وقالت أم محمد إن المراكز التعليمية الخاصة التي بدأت تنتشر في دولة قطر، ترهق أولياء الأمور بالرسوم الشهرية العالية جداً، في حين أن المركز الحكومي الوحيد لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو مركز الشفلح، لا يستوعب الحالات المتزايدة من أطفال التوحد، ولهذا ليس بغريب أن تصل قوائم انتظار طلاب الاحتياجات الخاصة في المركز بالمئات.. لقد عانينا طويلا في إلحاقه بمركز الشفلح وفي عمر متأخر 8 سنوات، ولذلك هو حُرم من خدمات التدخل السريع، ثم أدخلته «دمج» حيث بدأت معاناة جديدة مع وزارة التعليم، وأغلب المعلمات لم يتعاملن مع أولادنا بما يستحقونه من رعاية خاصة، وإنما طالبونا بالاحتفاظ بأولادنا في البيت والعناية بهم!
وتقول أم جاسم السليطي: لابد من توفير المزيد من المراكز التعليمية والتوظيفية بما يتناسب والأعداد المتزايدة من الأطفال ذوي التوحد، ما يتطلب إنشاء مراكز حكومية متخصصة بذوي التوحد لتخفيف الأعباء المالية التي يتحملها الآباء والأمهات، كما أن أولادنا بعد التخرج من مركز الشفلح لا يجدون الوظيفة بانتظارهم وغالبا لا يكون أمامهم إلا المنزل، ولابد أن تكون هناك دراسات للمؤسسات في الدولة تعمل على اندماج الأطفال في المجتمع وتوظيفهم.