

تمحورت دراسة نشرها باحثو قسم الصحة السكانية في وايل كورنيل للطب - قطر في الدورية العالمية Systematic Reviews، حول الإجهاد النفسي بين طلاب التمريض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
استعرض الباحثون كافة المؤلَّفات المنشورة حول هذا الموضوع بين عامي 2008-2021 ، بهدف تحقيق فهم دقيق للأبعاد الوبائية للإجهاد بين الدارسين لعلوم التمريض في بلدان المنطقة، وتقديم اقتراحات بشأن أفضل سُبل إدارته. وهذه البلدان هي: الأردن، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، تونس، الجزائر، جيبوتي، السعودية، السودان، سوريا، العراق، عُمان، فلسطين، قطر، الكويت، لبنان، ليبيا، مصر، المغرب، اليمن إلى جانب باكستان.
وأشار الدكتور رافيندر مامتاني، أستاذ علوم الصحة السكانية ونائب العميد لشؤون الطلاب والقبول والصحة السكانية وطب نمط الحياة في وايل كورنيل للطب - قطر، إلى الدور المهم لفهم أسباب الإجهاد، وكيفية تعامل طالبات وطلاب علوم التمريض معه في الوقت الحاضر، لما يمكن أن يسهم به ذلك في تحسين معدلات استبقاء الممرضات والممرضين في وظائفهم، وأداء هؤلاء إكلينيكياً وأكاديمياً، وزيادة أعداد الملتحقين للعمل بطواقم التمريض في أرجاء المنطقة.
وقال: تعاني بلدان العالم كافة، ومنها بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نقصاً في أعداد الممرضات والممرضين في الوقت الذي نعرف فيه أن حالات واضطرابات الصحة العقلية آخذة بالانتشار على نحو متزايد بين أصحاب المهن الصحية في أرجاء العالم. ويمكن أن تتسبب مستويات الإجهاد المرتفعة عند طلاب التمريض بالتوتر والاكتئاب وإنهاك الذات، وبطبيعة الحال، يؤثر كل ذلك في نهاية المطاف في أدائهم في المستقبل عند انضمامهم إلى طواقم التمريض».
شملت الدراسة المنشورة 7 مراجعات استعراضية منهجية، و42 دراسة أولية، أظهرت أن الأسباب الرئيسية للإجهاد بين طلاب التمريض أثناء تدريباتهم الإكلينيكية تتمثل في المهام المكلَّفين بها، وأعباء العمل ورعاية مرضاهم، وقلة وقت الفراغ، والدرجات المنخفضة التي يحصلون عليها، وعبء الامتحانات.
ويميل طلاب التمريض إلى الأخذ بواحدة من 3استراتيجيات في إدارتهم للإجهاد هي: حلّ المشكلات، تنظيم عواطفهم، والتنفيس عن عواطفهم. لكن الباحثين رأوا أن الصلة بين عوامل الإجهاد واستراتيجيات التكيّف معه غير واضحة، وأشاروا إلى حاجة واضحة لتحديد استراتيجيات فعّالة للحد من الإجهاد المفرط والاستعانة بشكل أكبر باستراتيجيات التأقلم بطريقة إيجابية.
وقدّم الباحثون توصيات عدّة في هذا الصدد، منها أنه يتعيّن على مؤسسات التمريض إنشاء منظومة دعم راسخة لطلاب التمريض ومحاضريهم لإتاحة استراتيجيات تأقلم فعّالة يمكنهم الاستعانة بها.
وأشاروا إلى أهمية تقليل عدد أو حدّة عوامل الإجهاد من خلال تنقيح منهج الدراسة وتحسين استجابة التأقلم عند طلاب التمريض، لأن من شأن ذلك أن يسهم في تقليل مستويات الإجهاد بين الطلاب، إلى جانب حثّ أعضاء هيئة التدريس على الإشراف على طلابهم في تطوير وتعزيز السلوكيات القائمة على حلّ المشكلات، بدلاً من تلك القائمة على العواطف، للتأقلم مع الإجهاد وتوفير بيئة تعلّم إكلينيكية داعمة.
وقالت الدكتورة سهيلة شيما، العميد المساعد لقسم الصحة السكانية في وايل كورنيل للطب - قطر: « إن الإجهاد لا يمكن تفاديه دائماً، ومن الممكن إدارته بفعالية، ويُعد التأقلم مع عوامل الإجهاد أثناء التدريبات الإكلينيكية لمنهج التمريض، مسألة جوهرية لتعظيم المعرفة العلمية والإنتاجية والحيلولة دون إصابة طالبات وطلاب التمريض بإنهاك الذات.
وأضافت: من مصلحتنا جميعاً أن تكون لدينا طواقم تمريض مؤهلة وسليمة، وأن يكون أعضاء طواقم التمريض قادرين على تحمّل الأعباء العقلية والتأقلم مع الإجهاد المحتوم لمهنة التمريض».